تساؤلات حول قرض صندوق النقد الدولي لمصر

وعلى الرغم من التكتم الشديد على شروط صندوق النقد لتمرير الاتفاقية، والتلميح أكثر من مرة بأن الصندوق لا يعتزم فرض أي قيود أو شروط على الجانب المصري، إلا أن الأمور لا تؤخذ هكذا، وتاريخ الصندوق وطبيعة عمله ترد على هذه المزاعم، فمن المتوقع أن تتمثل شروط الصندوق بحسب تصريحات الخبراء في خطة لتعويم الجنيه أمام الدولار، وهو ما نشهد بوادره حالياً،

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/12 الساعة 03:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/12 الساعة 03:45 بتوقيت غرينتش

"1"
أعلن عمرو الجارحي، وزير المالية المصري، أن الحكومة المصرية تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاقية تحصل بموجبها الحكومة المصرية على قرض من الصندوق قيمته 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات بواقع 4 مليارات دولار سنوياً، وبفائدة تتراوح بين 1 و1.5%، ذلك ضمن برنامج يستهدف جذب تمويلات قيمتها 21 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، يُجمع بقيتها من خلال إصدار سندات وتمويل من البنك الدولي ومصادر أخرى، ذلك بالإضافة إلى طرح ما بين خمس إلى ست شركات حكومية في البورصة خلال 2016 – 2017.
"2"
وعلى الرغم من التكتم الشديد على شروط صندوق النقد لتمرير الاتفاقية، والتلميح أكثر من مرة بأن الصندوق لا يعتزم فرض أي قيود أو شروط على الجانب المصري، إلا أن الأمور لا تؤخذ هكذا، وتاريخ الصندوق وطبيعة عمله ترد على هذه المزاعم، فمن المتوقع أن تتمثل شروط الصندوق بحسب تصريحات الخبراء في خطة لتعويم الجنيه أمام الدولار، وهو ما نشهد بوادره حالياً، وطرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، وفرض مزيد من الضرائب، وتقليص الرواتب الحكومية، وخفض كبير للدعم على المحروقات والطاقة والخدمات العامة، وغير ذلك من الإجراءات التي تم اتخاذها في جميع البلدان، التي أجريت فيها اتفاقات مع الصندوق.
"3"
بالنظر لحال الدول التي حصلت على قروض من صندوق النقد الدولي بعد أن رضخت لشروط الصندوق نجد أنه لا تكاد توجد دولة حققت نمواً حقيقياً، بل كانت قروض الصندوق تمثل المسمار الأخير في نعش الاقتصاد القومي لكل دولة من هذه الدول؛ حيث تتضمن شروط الصندوق الأساسية لتمويل الدول: تخفيض النفقات الحكومية، وتقليص الخدمات الاجتماعية للمواطنين، ورفع الدعم عن مواد أساسية وغذائية، وزيادة الضرائب على المواطنين، وتحرير العلاقات التجارية، لا سيما إلغاء الرسوم الجمركية، وتحرير حركة رؤوس الأموال، وخصخصة مؤسسات القطاع العام، وتخفيض سعر العملة الوطنية، وتعويمها، وإلغاء الدعم عن سعر المحروقات، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، ما يضمن حماية مصالح الرأسمالية الذي يعد الهدف الرئيسي لإنشاء الصندوق، خاصة مع مساهمة الولايات المتحدة الأميركية بالنصيب الأكبر فيه، وهو 18% فيما يعرف تاريخياً باسم "عملية درع البيزو"، حين كانت العمل المكسيكية (البيزو) على وشك الانهيار، وكان هناك نحو 50 مليار دولار أميركي مستثمرة في أسهم وسندات حكومية مهددة بالضياع إذا انهارت العملة المكسيكية، مما أجبر صندوق النقد الدولي على التدخل بشكل حاسم لحماية مصالح المستثمرين الأجانب في المكسيك، فقام بإصدار قرار استثنائي، وبمخالفة للقواعد المعمول بها في الصندوق؛ حيث قدم قرضاً قيمته 17.7 مليار دولار، ووصل هذا القرض إلى 50 مليار دولار بمساعدة بنك التسويات الدولي والحكومة الكندية، ويعد هذا من أكبر القروض المقدمة في التاريخ دفعة واحدة، وبعد إنقاذ الاستثمارات الأجنبية في المكسيك ترك الصندوق الاقتصاد المكسيكي يتهاوى.
"4"
في تقرير البنك المركزي المصري عن حجم المساعدات الخارجية التي قدمت لمصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 حتى الآن كانت الأرقام كالتالي: 30 مليار دولار هي إجمالي المبلغ منها 22 ملياراً منذ 2013.

الأمر الذي يجعلك تتساءل: هل استفادت الدولة المصرية من هذه المليارات؟ هل قدمت الحكومة تصوراً عن إدارة هذه الأموال بما يضمن تحقيق مصالح الوطن والمواطنين؟ هل تمتلك الحكومة رؤية لإدارة أموال قرض صندوق النقد الدولي؟
ولنختم بالسؤال الأبرز: هل تغيير شيء لنوافق على القرض، أم أن مصير أمواله سيكون مثل ما سبق من أموال المساعدات؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد