تراجيديا اللجوء!

لقد حفلت تلك الرحلة التي كان ينشد كل من أقدم عليها الحصول على الأمان بفصول متنوعة من المعاناة الإنسانية، منها ما سوف يُروى ويكتب عنه، والبعض من تلك القصص سوف تسكن في الصدور ويغلق عليها صاحبها في محاولة صعبة للتعايش مع تلك الآثار التي تسبب بها قطيع من الوحوش الآدمية تمتهن وتتكسب من الاتجار بالبشر، وهم في أمس الحاجة للعون والمساعدة والتعاطف.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/21 الساعة 03:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/21 الساعة 03:27 بتوقيت غرينتش

شهِدت رحلة العرب اللاجئين إلى أوروبا، العديد من القصص المؤلمة والتراجيديا الإنسانية، والكثير من الأهوال والمشقات الجسدية، التي تكبدها وعاناها اللاجئون من الرجال والنساء والأطفال، ومعاناتهم من الإنهاك والجوع، ومختلف الظروف الطبيعية.

لكن تظل المشقة والمعاناة النفسية الناتجة عنها هي الأصعب، لأنها مزيج من صور وأفكار، يستدعى ألمها الفكر ويجترها العقل الباطن، مراراً وتكراراً وتظل من الذكريات التي يرغب عقل الإنسان في التخلص منها، لما تشكله من ضيق وتعب نفسي متواصل، قادرة على أن تحيل حياة الفرد إلى عذاب، إذا لم تكن لديه القوة والإرادة على التأقلم والتكيف، للتخفيف من حدة اللألم والانكسار النفسي لدى الفرد، وتظل معاناة الأطفال والمرأة النفسية، هي الأصعب بكل المقاييس نظراً لتركيبتهما البشرية.

هالني ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية، حيث أجرت المنظمة قبل مدة مقابلات مع 40 امرأة وفتاة من اللاجئات في ألمانيا والنرويج، سافرن من تركيا إلى اليونان ثم تابعن رحلتهن عبر البلقان.. وأعربت جميع النساء عن شعورهن بالتهديد وعدم الأمان طوال الرحلة، وأفادت كثيرات منهن بأنهن تعرضن في جميع البلدان التي مررن بها تقريباً للاعتداء البدني، والاستغلال المالي، وتحسس أجسادهن أو الضغط عليهن لممارسة الجنس على أيدي المهربين، أو أفراد الأمن، أو اللاجئين الآخرين.

إن الحروب والمجاعات دائماً ما تُخرج أسوأ ما في أعماق النفس البشرية من سلوك حيواني، وقد شاء القدر لتلك النسوة أن يزيد على بلاء تشردهن من أوطانهن، مأساة الاضطرار إلى التعامل مع الوحوش البشرية من مختلف القوميات والأديان، يجمع بينهم التوحش البشري وغياب التعاطف والتفهم وانعدام الرحمة، فكيف لهؤلاء النسوة وقد ضحين بكل شيء من أجل الحصول على السلامة لهن ولأطفالهن بعد أن تخلى المجتمع الإنساني عنهن، أن يُقَدَّرَ لهن التعرض من جديد للعنف والاستغلال، حتى من قبل أن تطأ أقدامهن أرض الخلاص؟! حيث اضطررن للنوم إلى جانب مئات من اللاجئين الرجال، وفي بعض الحالات غادرت النساء الأماكن المخصصة للنوم لعدم شعورهن بالأمان، ناهيك عن الاضطرار لاستخدامهن حمامات ودورات مياه مشتركة مع الرجال وقيام بعض الرجال بالتلصص ومراقبة النساء عند استخدام دورات المياه المشتركة.

لقد حفلت تلك الرحلة التي كان ينشد كل من أقدم عليها الحصول على الأمان بفصول متنوعة من المعاناة الإنسانية، منها ما سوف يُروى ويكتب عنه، والبعض من تلك القصص سوف تسكن في الصدور ويغلق عليها صاحبها في محاولة صعبة للتعايش مع تلك الآثار التي تسبب بها قطيع من الوحوش الآدمية تمتهن وتتكسب من الاتجار بالبشر، وهم في أمس الحاجة للعون والمساعدة والتعاطف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد