أثبتت الأيام أنني فاشل في عمل ما لا أحب، أياً كان هذا العمل، أياً كان شكله، أو راتبه، أو مكانه، أو حتى رفاقه الجميلون، فأنا لا أطيق عمل ما لا أحب، وقائمة ما لا أحب ليست قصيرة، بل على العكس طويلة جداً، ربما تحتوي على معظم الأعمال التي يمكن عملها، ولك أن تتخيل، ولكي لا ننظر للنصف الفارغ من الكأس، سأنظر للنصف الممتلئ، ماذا تحب أن تعمل عزيزي عنتر؟!
أنا على يقين أنني أمتلك مواهب ليست بالقليلة، على الأقل في المجالات الفنية، وإلى جانب هذا أنا أؤمن بأنني أنظر للأمور من منظور خاص مختلف، اختلافي هو نقطة قوتي، وهذا ليس بجديد عليَّ، لطالما شعرت بهذا منذ الصغر، كنت أتأمل أركان البيت، تفاصيل (إبريز) الكهرباء الملتصق في الحائط ثم أتخيل مسار الأسلاك داخل الحائط حتى (الأباريز) الأخرى، هل هذا عبث؟ ربما، لكنني لولا هذا العبث ربما ما كنت ما أنا عليه اليوم، رغم أنني لست فخوراً بالدخل الذي أصنعه ولكنني أظنني جميلاً كما أنا، لا أحب أن أقسو على نفسي معظم الوقت.
حسناً، هيا نرى ما يمكن أن أفعله بهذه المواهب، لنقل إنني قد بدأت في العمل على تطوير مستواي في الكتابة الأدبية البسيطة بطابعها الخاص الذي لا أعرف ما هو تماماً حتى الآن، لكن ربما يكون في صراحتي في سرد ما يدور في ذهني لحظياً، أنا لا أعيد النظر فيما كتبت سوى مرة واحدة أو مرتين، لكنني أفعل هذا مرات عدة عندما أتمكن من الحصول على فرصة للكتابة لموقع أو مجلة ما، هذا ممل في خضم لحظة الكتابة نفسها، الآن أنا أكتب لنفسي وربما لكم لكي تعرفوني أكثر، فأنا سأحتاج إليكم لاحقاً، هذا مؤكد.
حسناً، ماذا يوجد في جعبتي أيضاً؟ كتابة الأغاني هل سأغنّي؟! نفس نوع الموسيقى التي اعتدت أن أقدمها، هل ما زلت أحبها؟! أليس هذا المجال عملاً شاقاً ومرهقاً؟ عندما سألت نفسي لمَ هذا المجال بالذات يبدو الأكثر صعوبة عليَّ الآن؟ كانت الإجابة هي لأنني عملت في هذا المجال مسبقاً، أعرف أن ما أقوله لا يبدو منطقياً، دعوني أوضح أكثر، في الحقيقة لقد استنفدت الكثير من الطاقة في هذا المجال منذ انفجار الموهبة حتى تحولها لنشاط عملي مستمر، ومنذ توقفت عن العمل في هذا المجال بدأت قدراتي في التضاؤل والتراجع (ربما لا) وهذا من وجهة نظري المطلقة، من ناحية أخرى فإن العودة للعمل في مجال الموسيقى لن ترضيني أبداً؛ حيث إنني سأضطر للعمل استناداً لخطوات كثيرة سابقة، ولن تسمح لي نفسي بإنتاج عمل عبثي لا يليق بتاريخي في المجال، ولهذا فهذه نقطة سوف أبقيها جانباً حتى أستعيد قدراتي على العطاء بزخم مُستحق.
ماذا أيضاً؟ هنا سوف أبحث عن نفسي، في هذا المجال الذي سأقوم بطرحه الآن، التمثيل على خشبة المسرح، والظهور على يوتيوب، نعم أنا أعني ما أقول، الظهور على يوتيوب، هذا ما يجول في خاطري طوال الوقت، أعني طوال هذا الوقت كانت الفكرة تجيء وتذهب، لكن الآن استقرت في ذهني وأريد الخوض في هذا فعلاً، وقد بدأت في البحث فعلاً عن المسارح في القاهرة، وسأعمل على أن أبدأ في التمرين والمشاركة في هذا النوع من الفنون في أي لحظة قريبة آتية، الفكرة في العمل المسرحي هي أنني سأعود لأطور قدراتي على التمثيل وأعزز ثقتي بنفسي للظهور أمام الأشخاص على الخشبة، خلال هذا الوقت سأبحث عن الشخصية المراد ظهورها على يوتيوب.
بدأت أصور بشكل مكثف تحركاتي وأيامي، حتى إنني أطلب بمنتهى البراءة من الغرباء في الشارع أو المترو أو القهوة أو أياّ يكن تصويري وأنا أعيش حياتي العادية جداً، وأجدني معجباً بالمواد التصويرية التي حصلت عليها في الأيام الأخيرة، فاستعدوا لتشاهدوا حياتي على يويتوب، ربما تثير إعجابكم.
ليس لدي فكرة واضحة عن ما سأقوم بتقديمه، لكني مهتم بطرح وجهة نظري في الأشياء حولي، سكني، المنطقة التي أعيش بها، المدينة كلها، المواصلات، الأكل المختلف، الميادين، المقاهي، الناس التي أقابلها، والنشاطات التي أقوم بها، ولاحقاً طرح أفكاري وأحلامي وربما أسمح لكم بمعرفة أكثر من هذا عن حياتي الشخصية، كل هذا لأنني سأصبح شخصية عامة مرة أخرى.
كيف سأقوم بهذا؟ هذا ما لن أقوله الآن، لكن هناك بضع أفكار إخراجية لتنفيذ هذا العمل، والذي أقوم به الآن هو تمرين يدي على التصوير وكسر الخوف من الناس المحيطة بي، ثم إنه ليس من الهين أو السهل التصوير في أي وقت أو أي مكان.
هنالك نقطة أخرى تدور في ذهني، هي كيف يمكنني الوصول لقاعدة من المشاهدين وأنا قمت بحذف أكثر من 4700 شخص من على حساب الفيسبوك الخاص بي وقمت بإغلاق خاصية متابعتي أيضاً؟! هذه مشكلة سوف أقوم بحلها تدريجياً على ما أظن.
سأعود لأذكركم بالنقطة الأولى التي قمت بطرحها، أنا فاشل في عمل ما لا أحب، فلم أستطِع العمل في مجالات متاح العمل بها، كنادل في مقهى، أو موظف آلي على تليفون لبيع شيء ما، أو العمل كبائع في محل ملابس… أنا (مدلع) ربما، لكنني لن أركز مجهودي على إصلاح شخصي لكي يقوم بهذه الأعمال المختلفة؛ لأن هذا بالأحرى سوف يقتل ما يمكن عمله في المجالات التي أحب، هذا ما لا أريد أن أخسره بداخلي، وصدقاً أفضل أن أتحول لمتسول يقوم بعمل شخصية مجنونة في الشارع تساعده على التسول أو يقوم بحمل جيتار يعزف ويغني ويرقص، هذا أهون عليَّ من أن أكون موظفاً يعمل في مجالات لا أطيق العمل بها فقط لكي أعيش.
والله ولي التوفيق.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.