وأعتبر هذا الاسم جيداً لتَبنِّيه فكرة نهضة الوطن اليهودي القديم، وكما ذكرت آنفاً أنَّ كلمة "أبيب" هي الكلمة العبرية للربيع، ذلك الفصل من السنة الذي يرمز للتجديد والنمو من جديد، وكلمة "تل" بالعبرية تعني التلَّة الأثرية التي تم إنشاؤها مِن قِبَل الاحتلال البشري فوق حضارات قديمة منذ قرون كثيرة، وهذا يُفسِّر إطلاق "ثيودور هرتزل" جملة "الأرض القديمة الجديدة – Old New Land" على تل أبيب، فيصبح المعنى الاصطلاحي لكلمة "تل أبيب" من وجهة نظري وحسب فهمي:
الربيع الذي سيكشف عن الحضارة الأصلية القديمة التي اختارها الله لبني إسرائيل، ودفنها الإنسان المحتَل تحت كومة مُصطنعة!
أهم نقطة في هذا البحث هو التأكيد على عدم وجود أي مدينة عربية قبل سقوط الدولة العثمانية باسم "تل الربيع"، بينما كان هناك مدينة يهودية باسم "تل أبيب" تم إنشاؤها بموافقة الدولة العثمانية العُليا، وهذا خلاف القصة المشهورة والمتداولة بين الناس من أنه كانت توجد مدينة عربية تُسمَّى "تل الربيع" تم احتلالها وتحويلها إلى "تل أبيب"، ولو كان هناك مدينة أصلية للأراضي التي تم إنشاء تل أبيب عليها.. فهي مدينة يافا وليس أي مدينة أخرى، وقد تفاجأت عندما علمت أنَّ الكثير من أهل فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يعلمون حقيقة نشأة تل أبيب.
ونصيحتي ألا تغضب عندما تسمع عربياً يذكر اسم تل أبيب.. فهي حقيقة لا يمكن إنكارها أو الغضب من ذكرها، من ناحية أخرى يتفق المؤرخون على أنَّ تل أبيب استخدمت فيما بعد لإضعاف مدينة يافا وابتلاعها وتهجير العرب منها، ولكن هذا مَبحث مُنفصل وبعيد عن موضوع التسمية.
أنا شخصياً سأبقي استخدام اسم "تل أبيب" كما استخدمته دائماً، ليس نكايةً بأحد.. ولكن لأنها مدينة حقيقية موجودة على أرض الواقع بمرسوم عثماني تجاوز المائة عام، والأهم.. أنه عندما أزورها في المرة القادمة -بإذن الله- لألقي فيها محاضرة أو دورة تدريبية، سيتم الإعلان عنها، وسيحتاج وقتها الحضور لإدخال كلمة "تل أبيب" في جاهز الملاحة "GPS" أو "خرائط جوجل" للوصول إلى مكان المحاضرة كما حدث في المرة السابقة، وإدخال أي اسم آخر لن يُساعد في الوصول إلى عنوان المحاضرة، والاستمرار في الإنكار والتشبث بمسمَّيات وقشور بدلاً من التشبث بما هو مهم وحقيقي.. سيزيد من ابتعادنا عن الحقيقة كما ابتعدنا عن فلسطين، لنبقى نتقلَّب من وَهْم إلى وَهْم حتى نجد أنفسنا نعاني من تيهٍ أسوأ وأمَرّ من تيه بني إسرائيل!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.