وقفات مع الحج

الحج ركن من أركان الإسلام، فيه يشد المسلم رحاله طالباً مغفرة الله عز وجل، وراجياً رضاه، شاهداً بوحدانيته عز وجل، تاركاً دنيا خلفه، كل ذلك من أجل الله.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/28 الساعة 09:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/28 الساعة 09:20 بتوقيت غرينتش

الحج ركن من أركان الإسلام، فيه يشد المسلم رحاله طالباً مغفرة الله عز وجل، وراجياً رضاه، شاهداً بوحدانيته عز وجل، تاركاً دنيا خلفه، كل ذلك من أجل الله.

وتعد مكة مركز الأرض، ومنها بدأت الدعوة الإسلامية إلى الكون كله، معلنة لا إله إلا الله، وقصة البيت تعود إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما وضع السيدة هاجر عليها السلام وسيدنا إسماعيل عند البيت، ولم يكن مبنياً في ذلك الوقت.

وكانت مكة صحراء جرداء وجبالاً وشمساً وخالية من الإنس والطير والوحش؛ تركض خلفه السيدة هاجر، وتسأله أالله أمرك بهذا؟ إذاً لا يضيعنا، وهنا يبدأ منهاج الحج، وهو التوكل على الله، فهم في مكان لا زرع فيه ولا ثمر، فقط رجاء وجه الله عز وجل، وتسليم لحكمه ورضا بقضائه؛ لتتجلى هنا بركه تسليم السيدة هاجر وإيمانها أن تقدم لنا منهجاً عظيماً نتذكرها به، وخصوصاً بالسعي بين الصفا والمروة، و

هي من شعائر الله ومن مناسك العمرة والحج، هذه الشعيرة العظيمة أخذناها من امرأة اسمها هاجر، التي تعلمنا منها معنى الرضا والاطمئنان لحكم الله، وأن الله لا يضيع من قصد بابه، كم كانت هذه السيدة عظيمة بقيت متمسكة بإيمانها، لم تنظر بسخط أو أن زوجها ظلمها ووليده، فالمؤمن أكبر من الحقد، ويرتفع عن الظنون؛ لأنه على إيمان بأن كل هذه التدابير فيها خير؛ لأنها من رحمن رحيم لا يرانا إلا بعين الرحمة، فجعل هذه المرأة جوار بيته ورزقها ماء زمزم غوثاً لها و(ماء زمزم لما شرب له).

في السعي بين الصفا والمروة دعوة للإصرار على غايتك، وأن لا تتوقف، أقصد هدفك شوطاً تلو شوط، وبكل شوط وجّه وجهتك إلى الله، واطلب العون والدعم منه، وانظر لقصة هاجر عليها السلام أنها بدأت عندما نفد الماء، وباتت بحاجة إلى بقاء ابنها حياً، أي رغبة بالحياة، فتجلى السعي، ومن ثم تدفق ماء زمزم بخصائصه أنه طعام طعم وسقاء سقاء، وبعدها بناء البيت، أي أن الحياة تعمر بالعبادة مقرونة بالعمل،

فالعبادة صلة العبد ووقود الروح والقوة الخفية التي تمد الإنسان بصدق التوكل وإحسان العمل، وليبدأ إعمار هذا المكان بها وبابنها سيدنا إسماعيل الذي ضرب لنا مثلاً آخر بالخير، فعندما رأى سيدنا إبراهيم أنه يذبح سيدنا إسماعيل، فما كان من سيدنا إسماعيل إلا التسليم بقضاء الله، وسلم نفسه لله ابتغاء مرضاته، فما كان من فعله إلا أن أصبح سُنة وعبادة يتقرب بها، وأجرها أنه بكل شعرة حسنة، ونقف عند موقفي السيدة هاجر وسيدنا إسماعيل، الأعمال العظيمة التي يقدمها الإنسان بإخلاص وتوكّل وتسليم يكافئ بأن تكون شعائر ودروساً ومنارة للأجيال وللبشرية،

والآن ما هو العمل الذي ستقدمه بحياتك ويكون دليلاً وهادياً للناس وأنت تبحث في أسباب الحياة من معيشة ورزق؟ إن هذه الخطوات يجب أن تكون خالصة لله، وأن عملك المخلص تأخذ أجراً عليه، والحج تهذيب للنفس الإنسانية ففيها تشحن النفس بالأمن والطمأنينة والسلام، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال بالحج، وفيها يمنع الصيد، وبذلك حفاظ على الاتزان البيئي ومكة دوماً، وفيه لكل جميل، فحَمام الحرم يقال إنه من نسل الحمامتين اللتين وضعتا عشهما على الغار لحماية الرسول ومقام سيدنا إبراهيم إكراماً لهذا النبي العظيم، ومنها انطلقت دعوة الإسلام التي أساسها لا إله إلا الله، ونزل القرآن فيها على سيدنا محمد الذي أدى الرسالة وبلّغها؛ لتصل إلى مشارق الأرض ومغاربها، حاملةً الخير للبشرية.

ونتذكر أن امرأة كريمة اسمها هاجر اختارها الله أن تسكن وتعمر مكان البيت لحين بنائه، في إشارة إلى قدرة المرأة ودورها المهم في إعمار الأرض، ونتذكر أن نبينا الأكرم أوصى بالنساء خيراً في حجة الوداع.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد