علي رصيف المحطة يوم 11 فبراير تصاعد هتاف آلاف المحتشدين، فبعد جهد عظيم تعاون فيه الجميع تم وضع القطار أخيراً فوق القضبان، كان الفرح حقيقياً لأن ما حدث فاق التوقع وكان المشهد موحياً ونبيلاً ومبشراً بغدٍ أفضل.
إستمرت الإحتفالات علي الرصيف وفي الميادين المحيطة إلي أن تم الإتفاق بعد فترة علي السائق ومعاونيه، بدأت الإستعدادات لتحرك القطار، ثم ما لبث أن دب الخلاف حول أولوية الركوب وحول أولوية الجلوس و حول أهلية و كفائة وولاء السائق والجماعة التي تعاونه.
في بداية الرحلة إشتكي البعض من أن سرعة القطار ما زالت لا تتناسب مع حجم التوقعات وقال البعض الآخر أن القطار لا يتحرك أساساً بينما رأي الكثيرون أن القطار يعود للخلف، ولكن التخوف الحقيقي الذي إنتشر بطريقة هيستيرية كان من أن القطار قد تم بالفعل إختطافه وأن السائق الذي بدا مرتبكاً لم يسيطر بعد وإذا إستتب له الأمر سيخرج عن الطريق المرسوم ثم يأخذ الجميع إلي مناطق مخيفة.
صرخ البعض بأن القطار الذي لم يتحرك من آلاف السنين ما زال في طور التجربة ومن الممكن بل من الأفضل للجميع التعاون لدفع العربات قدماً أو الإنتظار لتغيير السائق في المحطة التالية، ولكن أحداً لم يستمع.
إحتد النقاش ثم العراك وبدأ المعترضون في قذف القطار بالحجارة و المولوتوف ثم تجمعت حشود كبيرة أمام القطار لمنعه من التحرك،بينما الأحداث تتصاعد بسرعة تقدم جنرال بدباباته ومدرعاته وجنوده من أجل حفظ النظام، وسط الترحيب والهتاف والأناشيد الوطنية قامت القوات بمحاصرة القطار ثم إعتقال السائق ومعاونيه وتم القبض علي كل من أبدي الإعتراض، قامت القوات بإقتحام العربات فقتل و جرح عدد كبير من الركاب ، حدث هرج ومرج و عندما تصاعدت الإحتجاجات كاد الزمام أن يفلت من يد الجنرال فتم أطلاق النار بكثافة ليسقط عدد غير مسبوق من الضحايا، ووسط الخوف المتنامي والفوضي الشاملة تم قلب جميع العربات وخلع كل القضبان..
وسط الأغاني والرقصات والأهازيج الوطنية تقدمت الدبابات والعربات العسكرية رافعة أعلام الوطن في الإتجاه الذي حدده الجنرال فتبعتها الجماهير سائرة علي الأقدام ومتجاوزة جثث الضحايا في نفس الطريق القديم الملئ بالحفر والمطبات وكمائن الشرطة، كانت الجماهير صامتة ومستبشرة بعودة الأمن والإستقرار و إنتهاء عهد لم يطل من الفوضي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.