يعاني عدد من القنوات الإخبارية العالمية في الآونة الأخيرة من انخفاض عدد المتابعين بشكل حاد، الأمر الذي أدى بدوره إلى نشوء أزمة حقيقية في مستوى الإيرادات السنوية التي تحققها هذه القنوات بشكل ملحوظ. فبعد أن أعلنت شبكة "بي بي سي" العالمية في مطلع شهر يوليو من هذا العام عن نواياها تسريح 1000 موظف من أصل ما يقارب على 18,000 موظف من العاملين لديها، صرح المدير العام للشبكة بأن السبب الرئيسي وراء قرار الإدارة بخفض عدد الموظفين يرجع إلى توجه نسب كبيرة من الجمهور إلى قنوات الإعلام الجديد على شبكة الإنترنت لمتابعة الأخبار، الأمر الذي سينتج عنه انخفاض نسبة أرباح الشبكة بما يزيد عن 150 مليون يورو في غضون سنة واحدة فقط حسب التقديرات الأولية.
كما تشير إحدى الدراسات الصادرة حديثاً إلى أن نسبة المتابعين لأشهر القنوات الإخبارية الأمريكية (CNN, MSNBC, Fox) قد انخفضت بمعدل 19% في الفترة الزمنية الواقعة ما بين الأعوام (2009- 2015). وتشير دراسة أخرى نشرتها مؤسسة بلومبيرج الإخبارية إلى أن قطاع الصحافة الورقية كان قد تخلى عن ما نسبته 30% من القوى العاملة لديه في غضون 25 سنة.
جميع هذه الدراسات والإحصائيات تشير إلى وجود اتجاه جديد بدأ يجذب المتابعين بشدة إليه لمتابعة آخر الأخبار. ففي الوقت الذي توجه فيه أغلب المتابعين إلى مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، فإن الأرقام تشير أيضاً إلى أن تويتر وفيسبوك تستحوذان على النصيب الأكبر من نسبة المتابعين للأخبار على شبكة الإنترنت بشكل عام.
تشير إحدى الدراسات الصادرة عن أحد أشهر المراكز البحثية الأمريكية في مجال الإعلام (PewResearchCenter)، إلى أن 63% من مستخدمي تويتر وفيسبوك يعتمدون على استخدام كلا الشبكتين لمتابعة آخر الأخبار والمستجدات بشكل يومي. الأمر الذي دفع بعجلة التنافس بين إدارة كلا الموقعين للاستفادة من الازدياد الكبير – وغير المتوقع مسبقاً – في الطلب على استهلاك المحتوى الإخباري بشكل يومي.
فيسبوك، الذي تشير بعض التقارير إلى أنه يتفوق على محرك بحث جوجل في جذب أعداد كبيرة من الزوار إلى المواقع الإخبارية، قام مؤخراً بطرح ميزة جديدة أطلق عليها اسم (Instant Articles)، حيث ستسمح هذه الميزة للمستخدم بتصفح المحتوى الذي تقوم بنشره 9 من أكبر مؤسسات النشر والصحافة عالمياً. وقد تم إطلاق هذه الخاصية على نسخ تطبيق فيسبوك التي تعمل على أجهزة الآيفون حتى الآن. كما قام فيسبوك مؤخراً بفتح المجال للصحافيين والإعلاميين من أصحاب الحسابات الشخصية الموثقة لدى الموقع باستخدام خاصية النقل المباشر بواسطة الفيديو للأحداث والتقارير المهمة، حيث لم تكن هذه الخاصية متاحة من قبل إلا للمشاهير وكبار الشخصيات على الساحة الدولية.
تويتر، الذي لايزال في صدارة المواقع الجاذبة للقراء والمتابعين للأخبار، قام مؤخراً بطرح خاصية (Moments)، التي تجعل عملية الوصول والبحث عن آخر الأخبار أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق. كما أن مطوري تويتر قاموا بإضافة خاصية تجريبية على تطبيق تويتر للهواتف المحمولة تقوم بتجميع أبرز العناوين الإخبارية من عدد كبير من المصادر الإخبارية الموثوقة وعرضها على المستخدم.
وعلى الرغم من عدد من التحديات التي تعرض لها تويتر في الآونة الأخيرة، فإن المعلومات الواردة تشير إلى زيادة عدد من يتابعون الأخبار عبر منصة الموقع بنسبة 10% في السنتين الأخيرة.
المنافسة الشديدة بين فيسبوك، تويتر، ودخول تطبيقات أخرى على الساحة مثل تطبيق سناب شات صاحب معدل الانتشار الأوسع بين شريحة الشباب في الفترات الأخيرة، بالإضافة إلى بعض التطبيقات الإخبارية المتخصصة مثل تطبيق (Flipboard) الشهير، قد تغير وجه الساحة الإخبارية والإعلامية في السنوات القادمة، لتنقل معها وتيرة التنافس إلى حدود الساحة الرقمية، بعد أن كانت محصورة في أروقة محطات التلفزة العالمية وغرف المحررين الصحفيين لسنوات طوال، مؤذنة ببداية عصر الإعلام والصحافة الرقمية الجديدة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.