“كمال” شهيداً

نجاح أي ديكتاتورية باعتمادها على هدم العوامل النفسية وكسر نوافذ الأمل التي قد تهدد عرشها ووجدانها.. نجح نظام السفاح عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري في مصر، خلال إجهاضه للحراك القائم ضد الانقلاب وعسكرة الدولة على أهم تلك العوامل والتي أثرت بشكل مباشر وقوي على الصف الثوري.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/05 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/05 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش

نجاح أي ديكتاتورية باعتمادها على هدم العوامل النفسية وكسر نوافذ الأمل التي قد تهدد عرشها ووجدانها.. نجح نظام السفاح عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري في مصر، خلال إجهاضه للحراك القائم ضد الانقلاب وعسكرة الدولة على أهم تلك العوامل والتي أثرت بشكل مباشر وقوي على الصف الثوري.

تمكن من كسر الحاجز النفسي لدى الثوار، فكما رأينا من إهانات متعمدة في التعامل مع رمز الثورة المصرية الدكتور محمد مرسي، الرئيس الشرعي للبلاد ومحاولات إهانته المستمرة لكسره شخصياً وكذلك منع الزيارات عن المعتقلين وقطع الأخبار عنهم والتعذيب والانتهاكات المستمرة والدائمة والخطف والإخفاء القسري وزد على ذلك الأحكام الجائرة والإعدامات المستمرة.

ملابس الإعدام المرتدية عنوةً للمعتقلين قبل أن تصدر أحكام نهائية كل هذا مجرد كسر الحاجز النفسي للصف الثوري والمعتقلين، للوصول إلى مرحلة الركود، ومن بعدها تتوالى الضربات تباعاً للقضاء على أي بصيص من الأمل لتغير الواقع والمياه الراكدة.

حادثة اغتيال الشهيد بإذن الله الدكتور محمد كمال تأتي لكى تزيد من الوجع أميالاً.. القائد الشهيد الذي لم يعلم عنه أبناء الجماعة الكثير ولربما قذف في قلوبهم القوة والجرأة والتطلع والثبات والتضحية والتجرد بخطاباته الرنانة قبل تنحيه عن موقعة في إدارة جماعة الإخوان المسلمين طوعاً ورغبة في تقديم نموذج يقتدى به وتجرد لم نرَ له مثيلاً.

أيها البطل نم في سلام نعلم أن الكثير من أبناء الجماعة لم تلتقِ بك وها هي اليوم تهتف باسمك، لم يسمعوا منك إلا وانت مطارد، لكنهم كانوا يتلمسون ويتحسسون أخبارك من بعيد، لم يقرأوا لك كتاباً ولم يسمعوا عنك إلا قريباً، لم ترسل لهم ليهتفوا باسمك، لم تقبل أن تسقط الراية بعد الفض، لم تقبل أن تكون الأزمة باسمك، لم تطلب لنفسك شيئاً ولم ترفض من إخوانك صلحاً، بل كنت ترحب بكل المبادرات للم الشمل، لم تهرب أو تسافر أو تكتب رسائل بالبهتان، وكنت تحسن الظن بمن يخالفك، كان رمزاً للشباب، لذلك تعمدت أجهزة الدولة على كسر هذا الرمز والتخلص منه، ليكن عبرة لكل من يتبع نهجه أو يسير على خطاه من تصحيح المسار الثوري في مصر.

الدكتور محمد كمال الذي لم يرَه أهله وأولاده وطلابه طيلة الثلاث سنوات يرونه أخيراً في ملابس كفنه حراً صامداً، ذلك المجاهد الذي: كان متواضعاً هادئ الطباع خفيض الصوت قليل الكلام، كان مطارداً يقوم بخدمة نفسه ويأبى أن يخدمه أحد، كان يرفض الخروج من مصر رغم التهديدات الشديدة ويشعر باقتراب أجله؛ لينال الشهادة التي عاش من أجلها، فصدق الله فصدقه الله، كان رجاعاً يعتذر إن أخطأ ولا يتكبر على ذلك، كان يستمع للجميع ويخفض جناحه بين أبنائه، كان قوياً مجاهداً حازماً شديد البأس مع أهل الباطل والفراعين.

كان عالي الهمة شديد النشاط وافر الدافعية، كان مربياً خبيراً، كان زاهداً في مأكله وملبسه ودنياه لم يُكَون الاستثمارات ولم يُرَاكم الثروات كغيره، كان مستغرقاً في دعوته ومعركته يعيش لها وفيها، كان متجرداً فلم يتمسك بمناصب ولم يستأثر بمكانة ولم يمكن لنفسه ولا يجعل لها حظ في إخلاصه وتجرده، كان يترك ما لنفسه لو نازعه عليه أحد ويدافع عن الحق ولو نازعته عليه الدنيا، كان رقيقاً فبكى بين أبناؤه وفي حضنهم مودعاً مشفقاً لما قرر الاستقالة سداً للذرائع، ودرءاً للفتنة كان يحب الشباب ويقربهم ويقدمهم، كان سليم اللغة بلسان قرآني يجيد اختيار العبارة وصياغة الأفكار.

تعمدوا تصفيته بدمٍ بارد ليزيدوا من الوجع أبياتاً وأسطر ففي صباح اليوم تدمع العين والقلب حزناً على الحبيب الحُر مهند نحلة، وفي ليلتها تزرف دماً على الشهيد الدكتور محمد كمال المربى المجاهد المغوار.

لم يعلموا أن سير الأبطال تصنع من بعدها أجيالاً فها هو البنا وأحمد ياسين وسيد قطب واليوم محمد كمال.. رحمك الله يا بطل، لم نعلم عنك إلا كل خير فما السر الذي بينك وبين ربك؟! فليثبت أبناء الحركة الإسلامية على نهجهم ودربهم وليروا ويجاهدوا أعداء الدين والوطن قوة العقيدة وثبات المبدأ، فإنا لله وإنا اليه راجعون..

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد