يعزف بعض الناس عن قراءة الأخبار حول ظاهرة الاحتباس الحراري أو تغير المناخ، مبرراً ذلك بأن الأمر لا يعنيه وغير مهتم به، لكن هذه التغيرات التي يشهدها الطقس من حولنا ستؤثر قطعاً على الحياة بأكملها، سواء علينا نحن البشر أو حتى النباتات والحيوانات.
وهنا في هذا الموضوع نشرح لك كيف ذلك؟
نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني دراسة حول العلاقة بين تغير المناخ والصحة، ذكرت فيها أن تغير المناخ قد يفضي إلى نحو ربع مليون وفاة إضافية سنوياً، جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، في الفترة ما بين عام 2030 و2050.
كما أن إجمالي تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة ستتراوح ما بين 2-4 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2030، وستكون معظم البلدان النامية ذات البنية التحتية المتهالكة الأقل قدرة على التحمل، ما لم تحصل على المساعدة اللازمة للتأهب والاستعداد.
تأثيره على الأطفال
كما أعدت منظمة "اليونيسف" أيضاً دراسة حول تأثير تغير المناخ على الأطفال في إفريقيا، وقدمت الدراسة مجموعة من الأدلة على أن المناخ في جنوب إفريقيا قد تغير بالفعل، إثر ارتفاع متوسط درجات الحرارة سنوياً وانخفاض طفيف في معدل هطول الأمطار.
وأشارت الدراسة إلى أن مغبة الآثار الناجمة عن التغير المناخي لن تُوزع بالتساوي؛ إذ سيكون الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للتضرر من تغير المناخ، نتيجة أمراض فتاكة كالملاريا وسوء التغذية والإسهال.
ارتفاع معدل الوفيات
بدوره أكد الدكتور كولن سامرهايس الزميل الفخري بمعهد "سكوت" للبحوث القطبية في جامعة كامبريدج البريطانية، أن تغير المناخ سيؤثر على صحة الإنسان من جوانب شتى؛ فمن ناحية ستزداد معدلات الوفيات بسبب موجات الحر والفيضانات والجفاف، ومن المرجح أن ترتفع نسبة أمراض القلب والجهاز التنفسي بسبب التغيّرات في نوعية الهواء.
ومن ناحية أخرى، كشفت حالات الملاريا الموثقة في كولومبيا أنها انتشرت مؤخراً بسبب ازدياد هطول الأمطار الناجم عن تغير المناخ، مع توقعات بارتفاع الرطوبة أكثر.
ووفقاً لتقريرٍ حديث، من المُتوقَّع أن تؤدي انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري، بحلول عام 2100، إلى درجاتِ حرارةٍ مرتفعة ونسبِ رطوبةٍ تفوق ما قد يحتمله البشر.
إذ لا يقدر الجسم البشري على تبريد ذاته بالقدر الكافي ليبقى حياً أكثر من بضع ساعات في بيئة "المصباح الرطب"، أي (في الحرّ والرطوبة معاً) عند درجة حرارة 35 درجة مئوية.
وإذا استمر الأمر كما هو عليه دون اتخاذ إجراءاتٍ "جذرية" للتقليل من الاحتباس الحراري، فإنَّ تلك الأنماط المذكورة قد تتضح في وقتٍ قريب خلال العقود القليلة المقبلة في الهند، وباكستان، وبنغلاديش، ما قد يهدِّد مخزون الغذاء الذي يمد المنطقة بأكملها.
أو يقضي على دول بأكملها!
ربما يظهر تغير المناخ على السطح كظاهرة ليست عاجلة الخطورة، لكنه في منتهى الخطورة؛ فعلى الرغم من أن التغير المناخي ما هو إلا تغير واضطراب في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة واتجاه الرياح ومنسوب تساقط الأمطار، إلا أن آثاره من الممكن أن تقضي على بلدان بأكملها.
ولتوضيح الصورة أكثر فإن الاحتباس الحراري سيزيد من فرص حدوث كوارث طبيعية كالجفاف والفيضانات وغيرها، وستنتشر الأمراض المنقولة بالنواقل (وهي الأمراض التي تنتقل من كائنات حية تنقل مسببات الأمراض والطفيليات من شخص إلى آخر)، بالإضافة إلى انتشار الأمراض المعدية والأمراض التي تنتقل للشخص عن طريق تناول الماء أو الغذاء الملوث، كما سيتفاقم الوضع الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة كالقلب والربو وغيرها.