تأمُّلات بين الصحة والمرض

غير أن تعريضاً كهذا هو بمثابة تمرين وترويض للقلب والسلوك كي يمتثلا بالقبول والرضا، وحين يصل القلب لمقام الاطمئنان حيال ما يصيبه من الرؤوف الرحيم، وأنه ما كان ذلك إلا لحكمة من رب العالمين المتكفل بتربية وتهذيب النفس عبر إرشادها، فهو الرشيد، نعلم حينئذ، أن شكل ردة الفعل في لحظة المصيبة يعني بالضرورة درجة حساسيتك، ومدى استعدادك لأن تكون ضمن زمرة (النفس المطمئنة)؛ كي تكون حينها مستوفياً صفة القلب السليم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/16 الساعة 02:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/16 الساعة 02:56 بتوقيت غرينتش

تأملتُ (سؤال الطبيب)، حيال معاناة المريض من أي أعراض جانبية، لمستحضر دوائي، كالحساسية أو الطفح أو الهبوط مثلاً، حال تناول عقاقير دوائية معينة، ذلك أن التكوين البيولوجي لكل منا يختلف، فهناك مَن يقوى جسدياً وهناك مَن لا يقوى؛ لذا نجد الطبيب يُعرِّض جسد المريض (لجرعة مخففة) كي يستبين ردة فعل الجسد قبل أن يقرر اعتماد المستحضر الدوائي، وكذلك نحن عبر ما نتعرض إليه من مصائب، صَغُرَتْ أم كَبُرتْ، تجد هناك مَن يرفضها عبر صُراخ، وهناك مَن يرفضها بتحفّظ، وهناك مَن يستقبلها بالصبر، تختلف ردود الأفعال باختلاف مدى رُقي الإدراك لدى كل منا.

غير أن تعريضاً كهذا هو بمثابة تمرين وترويض للقلب والسلوك كي يمتثلا بالقبول والرضا، وحين يصل القلب لمقام الاطمئنان حيال ما يصيبه من الرؤوف الرحيم، وأنه ما كان ذلك إلا لحكمة من رب العالمين المتكفل بتربية وتهذيب النفس عبر إرشادها، فهو الرشيد، نعلم حينئذ، أن شكل ردة الفعل في لحظة المصيبة يعني بالضرورة درجة حساسيتك، ومدى استعدادك لأن تكون ضمن زمرة (النفس المطمئنة)؛ كي تكون حينها مستوفياً صفة القلب السليم.

تأملتُ (الجُرعات) التنشيطية للدماغ أو الجسد، سواء عبر ما تتناوله من أطعمة كقطعة كاكاو أو سكاكر أو ربما عبر مستخلص دوائي، فتلك الجُرعات لا يصح أن تحل محل الغذاء، غير أنّها هامة كي تبقيك متيقظاً ومستمراً في عطائك ومتقلباً في شؤون الحياة، كذلك حال اجتماع يضمّك بمؤسسة أو تاجر أو ربما أمير، فحين تجدهم يتبادلون معك ذات الأحاسيس والأهداف فيطلبون أن تشملهم بنصيب مما أنت فيه من حظ، ثم إن استوفيت ما طلبوه، فلا تجد لهم أثراً عبر ما اقترحوه وبادلوه معك من طموحات، فتعجب عما يمكن أن ينمّ سلوكهم هذا من رساله! فيزول العجب، إن علمت أنها كانت مجرد (جُرعات) تنشيطية لك حين تقل فيها عزيمتك؛ كي تبقى متوقداً على الدوام وفق أمل تطمح لتحقيقه، فهو قَدَرٌ يمضي بك من جرعة إلى جرعة، فلا تقلل من نتائج اجتماع أضناك لم تنتزع منه ما يعزز لهدف.

تأملتُ (عدم النضج)، عندما يكون رحمة، ذلك أنني عندما أستذكر الأيام الخوالي التي قضيتها من عمري، تارةً ضمن اجتماعات مع شباب في نفس عمري، حينها كنا في الثلاثين، فنناقش، ونرسم الاستراتيجيات، ونخطط، أستذكر وأنا في عمرى الحالي، كيف كنا نسبح في خيالات ونتعامل مع ما نود أن نصل إليه من أهداف كما لو كانت قابلة للتحقيق، ناسين المعوقات على تنوع أشكالها، ظانين أن سبل النجاح جميعها ميسّرة، لقد كنا مدفوعين بحماسة الشباب، حماسة تفتقد لنضج في الخبرات، غير أننا كنا نخوض ونعمل بجدّ، وكنت أقول: لو كنا في تلك الأيام نتمتع بـ(النضج) الخبراتي والعقلي، لما خُضنا ولما عرفنا ولما استمتعنا حتى بما حققناه أو لم نحققه من أهداف، فنقص النضج ونقص الخبرة رحمة، وهي ما كانت تُشعِلُ فينا حرارة ودافعية الإنجاز والإصرار، ويكفي (عدم النضج) أن يكون دافعك للاستكشاف، تصوّر حينها مذاقاً للحياة دون مغامرات استكشافية، أتراه حلو المذاق؟ سبحانك، رحمة منك إذ لم نكن حينها ناضجين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد