لو أخذنا نموذج جباية الزكاة في السعوديّة مثلاً؛ فسنجد أن (مصلحة الزكاة والدخل) تقوم بجباية الزكاة من الشركات (كأموال)؛ ثم تحوّلها إلى (وزارة الشئون الاجتماعية) التي تقوم بدورها في صرفها على مستفيدي الضمان الاجتماعي (أي أنهم مستحقون للزكاة). يستهلك مستحقو الزكاة المبالغ المودعة في حساباتهم لشراء احتياجاتهم الرئيسية من السوق (بسعر البيع شاملاً ربح التاجر)!
أصبحت الثلاجات والمكيفات والأثاث من ضروريات الحياة الأساسية لكل منزل. وأصبحت طرق جباية الزكاة أكثر فعاليّة وأدقّ في المتابعة والتحصيل يوماً بعد يوم.
الآن؛ لا يوجد بلد إسلامي للأسف يتعامل بالذهب والفضة؛ وأصبحنا نسمع عن شحّ السيولة أو مفهوم البيع بالآجل أو بالتصريف؛ وفي بعض البلدان الإسلامية نسمع عن انهيار لعملتها؛ وقد نجد أن بعض الشركات تؤجل دفع الزكاة لأكثر من عام لمثل هذه الأسباب فتأملت في التالي:
– زكاة الزرع تكون من جنس الزرع.
– زكاة بهيمة الأنعام تكون من جنس البهيمة.
– زكاة الفطر تكون من نفس طعام أهل البلد.
– لم يكن في الماضي مصانع أدوية أو مصانع حديد وبتروكيماويات؛ إلخ..
ماذا لو بحثنا في جعل الزكاة من جنس العمل؟
– ماذا لو كانت زكاة مصنع الأدوية؛ من نفس نوع الأدوية التي ينتجونها (بسعر التكلفة)!
– ماذا لو كانت زكاة المدارس الأهليّة؛ هي عدد لمقاعد دراسية للطلبة محتاجين (بسعر التكلفة)؟!
– ماذا لو كانت زكاة السوبرماركت؛ هي من المنتجات التي يبيعها (بسعر التكلفة)؟!
– ماذا لو كانت زكاة المستشفيات الأهليّة؛ عبارة عن عمليّات جراحيّة (بسعر التكلفة) للمرضى المحتاجين المنتظرين لعدة سنوات ليتم علاجهم في مستشفى حكومي بالمجّان؟!
– ماذا لو كانت زكاة مصنع المكيفات أو الثلاجات؛ من نفس انتاج هذا المصنع؟!
إذا راقت الفكرة نظرياً للمسؤولين عن جباية الزكاة في البلدان الإسلامية؛ وقالوا باستحالة تطبيقها على جميع القطاعات (قد يتحجّجوا بقطاعات مثل شركات الاستشارات الهندسيّة مثلاً)!
فأقترح هنا أن يقوموا باختبار الفكرة على قطاع واحد كبداية (على سبيل المثال مصنع خزف أو أثاث)؛ تكون زكاته من المنتجات التي يصنعها (وتحسب الزكاة بسعر التكلفة وليس بسعر البيع) لتقوم الجهة المسؤولة عن صيانة المساجد العامة باستخدامها في تجديد المساجد القديمة أو تأثيث منزل لمحتاج مثلاً.
كلّما نجح تطبيق هذه الفكرة على قطاع معيّن أثناء التجربة؛ نستطيع تعميمها (اختيارياً) على سائر القطاع؛ وهكذا حتى نضيف قطاعات أخرى. علينا أن نتحلّى بالمرونة ولا نطبّق مثل هذه الفكرة فجأةً على جميع القطاعات التجارية والصناعية والخدميّة في ليلة وضحاها! بل ينبغي علينا أن ننظر إلى كل قطاع يتم تطبيق الفكرة عليه بنجاح على أنه خطوة للأمام في تحقيق اقتصاد إسلامي أسمى وأكثر فعاليّة.
أنا أؤمن أن الدين الإسلامي (شاملاً الاقتصاد الإسلامي) هو طريقة عمليّة ومرنة للحياة؛ فديننا دين يُسر.
أسأل الله أن ينفع بهذه التأملات الإسلام والمسلمين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.