ستة أشياء أحاول تعليمها لابني البالغ من العمر ست سنوات

وكانت نتائج محاولة الإقناع متباينة، لكن هذا الصباح بالذات، حمل معه تقريراً صحفياً خطيراً لم أستطع إيقافه، ورغم عدم رغبتي سماع ابني محتوى هذا الحوار، إلا أنني لم أرغب أيضاً منعه من سماعه.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/27 الساعة 06:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/27 الساعة 06:40 بتوقيت غرينتش

تركت في المنزل الكوابل اللازمة لاستعمال أجهزة أقراص المدمجة، وكانت تلك إحدى الصباحات النادرة التي كان رفيقنا الترفيهي البديل طيلة مسافة الطريق إلى المدرسة، برامج حوارية على الراديو، وغالباً ما كنت أنتهز فرصة العشرين دقيقة التي تستغرقها هذه الرحلة، لأحاول إقناع ابني البالغ من العمر ست سنوات بأن الموسيقى التي تذوقها جيلي كانت أفضل من أي شيء يمكنه سماعه اليوم.

وكانت نتائج محاولة الإقناع متباينة، لكن هذا الصباح بالذات، حمل معه تقريراً صحفياً خطيراً لم أستطع إيقافه، ورغم عدم رغبتي سماع ابني محتوى هذا الحوار، إلا أنني لم أرغب أيضاً منعه من سماعه.

تحدث التقرير عن تعرض فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات للاغتصاب في مدرسة ابتدائية في حينا، واغتصاب امرأة حامل شابة، واحتجاز أحد عشر رجلاً، بسبب هذا الاعتداء الجنسي الجماعي. يا للهول، أحد عشر شخصاً؟ إلى جانب ذلك اكتُشفت جثث أربع شابات، بينما يظل عدد كبير منهن في عداد المفقودين. كان ابني يستمع إلى التقرير في المقعد الخلفي ولم أكن أعرف بشكل مؤكد ما الذي فهمه من هذا التقرير المرعب، أو ما الذي يجب عليه أن يفهمه.

ثم نطق مضيف البرنامج الحواري بعبارة (الرجال هم القمامة) #MenAreTrash
ثم راح المتصلون يرددون عبر الهاتف نفس التعبير #menaretrash
وقد فهم ابني ما يقولونه.

فتوجه إلي يسألني "نحن لسنا قمامة، أليس كذلك يا أبي؟".
أجبته بكل وضوح "بالطبع لا يا ولدي".
"إذن لماذا يستمرون في قول ذلك يا أبي؟"
"لأن لدينا مشكلة حقيقية يا ولدي، إننا نواجه مشكلة بحق، لا بد من أن نقر بأن المرأة لا تنعم بالأمان في بلادنا".
"حسنا، وماذا يتوجب علينا فعله إزاء ذلك يا أبي؟"
" لا أعرف يا ولدي لا أعرف".

تركته في المدرسة، قبل أن أقبله على رأسه وأخبره بأنني سأفكر في بعض الأشياء التي يمكننا القيام بها معاً لمحاولة المساعدة في حل المشكلة، قدت سيارتي باتجاه مكتبي وأغلقت الباب وصليت ثم أخرجت مفكرة وكتبت.. ستة أشياء أعلّمها ابني البالغ من العمر ست سنوات عن كيف يمكنه أن يكون رجلاً يسهم في بناء عالم أكثر أماناً للمرأة.

وهذه هي القائمة:

1. ضرورة التعلم

إن السمة الوحيدة التي يمكن استخلاصها من هذه السلسلة العنيفة التي أصبحت معروفة حالياً بشكل علني هي أنها تلفت الانتباه إلى أن شيئاً ما يحدث كل يوم، دون أن يلاحظه أولئك الذين لا يتعرضون لذلك الخوف المستمر والتهديدات والتحرشات والإمكانيات الحقيقية للوقوع ضحايا العنف الممارس ضد المرأة.

جعلني ذلك أقرأ أكثر من ذي قبل حول هذا الموضوع وأطرح المزيد من الأسئلة على النساء اللواتي ألتقي بهن في مسار حياتي وأستفسر عن قصصهن. بصراحة، لم يكن الأمر مريحاً لأنه يجبر المرء على فهم مكانة الذكورة المتميزة، التي تجعله لا يواجه أبداً أو في حالات نادرة، مثل هذه الأوضاع الرهيبة، وتفرض هذه الحالات على المرء قبول واقع لا يمكن إنكاره، يتميز بكثافة وانتشار قصص العنف الممارس ضد النساء ويجعله يفهم تماماً ما الذي يعنيه ذلك الهاشتاغ، ولهذا السبب أريد أن أعلم ابني الأشياء التي أتعلمها أنا الآن.

2. الانخراط في المعركة

لقد أسرعت في رفض ذلك الهاشتاغ في أول وهلة لما كنت رفقة ابني في طريقنا إلى مدرسته، لأنني لا أعتقد أنه قمامة ولا أريده أن يعتقد أنه كذلك، لكن العنف القائم على أساس نوع الجنس، والذي يمارس ضد المرأة هو في الواقع قضية تخص الرجال بالأساس، ولا أستطيع أن أدعي أنني غير معني بالموضوع.

يواجه الرجال في جنوب إفريقيا مشكلة فعلية، وحتى إن توجب علينا التمييز بين الذين يرتكبون هذا النوع من العنف وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك أبداً، فلا بد من الاعتراف بأنني أنتمي إلى فئة "رجل جنوب إفريقيا"، ولا يمكننا التغاضي على أن رجال جنوب إفريقيا يحظون بسمعة سيئة لا يمكن إنكارها في مجال ممارستهم العنف ضد المرأة، ولذلك يجب علي أن أعتبر نفسي معنياً بالهاشتاغ، وبدلاً من التصدي له باعتباره إهانة ضد الرجال، يجب علي بذل ما استطعت للتأثير على الرجال من حولي، إلى غاية التوصل إلى فترة يصبح فيها هذا الهاشتاغ غير صحيح، وبهذا الشأن أقوم بتعليم ابني ضرورة العيش بطريقة تجعل الهاشتاغ يغير من الوضع بالنسبة لنا ومن حولنا.

3. كن داعياً لتحقيق ذلك

التعليم والانخراط في هذه المعركة لا ينبغي أن يتوقف عندنا، بل ينبغي أن يمتد منا ليَعُم محيطنا، نحن بحاجة إلى تثقيف الأهل والأصدقاء من حولنا واتخاذ مواقف صارمة ضد كل أشكال الاعتداء والترهيب والعنف التي نراها، واقتلاعها من الجذور.. وخاصة من الجذور. وإذا كانت هذه قضية تخص الرجال، فهي تحتاج إذن إلى أصوات الرجال، وعلينا أن نضم أصواتنا في هذه المعركة.

4. إنشاء فضاءات آمنة

ينبغي أن تتوفر للنساء فضاءات آمنة في المجتمعات التي نعمل في إطارها، لذا يجب أن تكون منازلنا وعائلتنا الموسعة ومجتمع الكنيسة ومجموعات الأصدقاء، مساحات خالية من كل شكل من أشكال الضغوط التي قد يمارسها الرجال ضد النساء في أماكن أخرى.

تتحدث النصوص المقدسة التي نؤمن بها، مثل مزمور 128 عن الرجال الربانيين الذين يهيئون الفضاءات التي تسمح للنساء والأطفال من الازدهار والنمو، وهذا يتطلب عملاً والتزاماً مدروسين.

5. الالتزام بالعيش بشكل مختلف

لا يكفي أن نلتزم فحسب بعدم ممارسة العنف ضد النساء، ولكن يجب أن نكون رجالاً يرفضون معاملة النساء كأشياء للاستمتاع بهن وذلك في كل مجالات حياتنا. وهذا يشمل احترام الحدود، ومعاملة المرأة بكرامة، ونقد المعايير الثقافية وضروب الترفيه التي تمجد هيمنة الذكور، وكذا رفض التمويل أو المشاركة في الصناعات التي تضفي طابعاً مغرياً وتجسد الهيمنة الذكورية والعنف، وتختصر المرأة في بعد واحد باعتبارها خدمة توفر المتعة الجنسية فحسب.

6. الكفاح من أجل ازدهار شقيقتك الصغرى

أنعم الله علي وعلى زوجتي بابنة، وبذلك يتمتع ابني بأخت تصغره بأربع سنوات، وأريده أن يفكر في نوع العالم الذي يريد أن تكبر فيه شقيقته، فعندما نضع في اعتبارنا أشخاصاً حقيقيين، فمن شأن ذلك أن يضيف قدراً قوياً من الإنسانية لحماستنا والتزامنا بالمضي قدماً.

أحاول الآن تعليم ابني هذه المبادئ أثناء رحلتنا اليومية في الطريق إلى المدرسة، وكل ما علي فعله هو أن أكيف نوع الخطاب الذي يناسب سنه، لكن أريده أن يفهم ماذا يعني أن يكون ذكراً، وما يترتب على ذلك من مسؤوليات، وعندما أفكر من جديد في حديثنا الأولي في السيارة، أتمنى أن أعود إلى الخلف، لما سألني أول مرة ذلك السؤال.

لسنا القمامة، أليس كذلك أبي؟"
"دعنا نعمل لكي لا نكون قمامة يا بني، فلنعمل لكي لا نكون كذلك".

هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد