للوهلة الأولى ستنظر إلى تلك اللوحة بشيء من عدم الاكتراث، فلا الألوان زاهية، ولا فكرة مُحددة من ورائها، ولكن حين تُعيد النظر إليها بتمعّن، ستشعر أن هناك شيئا غير طبيعي، لكنك لن تلحظه بسهولة، ستحتاج إلى مزيد من التدقيق، لتدرك أن أسلوب بناء القناة التي تنقل الماء إلى أعلى، غير منطقي.. إذًا فأهلًا وسهلًا بك في عالم M.C. Escher فنان المستحيلات البصرية.
من هو إيشر؟
وُلد الفنان الهولندي ماوريتس نيكولوس إيشر، عام 1898، وكان الابن الأصغر والرابع بين إخوته. فشل في اختبارات القبول في التعليم ما قبل الجامعي، فالتحق بمدرسة فنون العمارة والديكور في هارلم، شمالي أمستردام، ثم فضّل بعد ذلك الانتقال إلى قسم الجرافيك والتخلي عن العمارة بعد تشجيع معلم قسم الجرافيك له.
مراحل حياته الفنية
في عام 1922 وخلال فترة دراسته، زار إيشر قصر الحمراء في غرناطة بإسبانيا. وتأثر كثيرًا بالزخارف الإسلامية هناك، وأسَرَته التصاميم البديعة لزخارف القصر، وهاله ما رأى من إبداع الفنّانين في شَغل المساحات بزخارف بسيطة زانها دقة التقسيمات وإتقان التكرار، وبعد إنهائه الدراسة سافر إلى إيطاليا، وهناك تزوج واستقر حتى العام 1935؛ ومن قلاع إيطاليا داهمه الإلهام ليخرج أروع أعماله.
وفي عام 1936 زار قصر الحمراء مرة أخرى، وشرع في نقل الرسومات الزخرفية هناك، وكان في تلك الفترة من حياته دائم التنقل بين بلجيكا وسويسرا، تلك الفترة التي شهدت سلسلة لوحات "Metamorphosis " الشهيرة، التي تعد بداية فترته الفنية الثانية، والتي قّدم فيها أروع أعماله الفنية على الإطلاق.
تأثيره على السينما
في السينما تأثر العديد من المخرجين بأعمال إيشر، وبخدعه البصرية التي وُصفت بـ"المستحيلة"، هذا ما نجده على سبيل المثال في فيلم interstellar و inception وأعمال أخرى شهيرة مثل Lord of the rings و contact
رؤيته
اعتبر إيشر أن العالم هو مكان شديد التنظيم والتعقيد، بعكس ما كان رائجًا في عصره، أن العالم نَتَجَ عن فوضى خلّاقة أو بمحض الصدفة.
وكان يؤمن أن الأشياء تختلف باختلاف نظرتك لها، وأن الإنسان تنتظره حياة أخرى ليعيشها. وفي المجمل كانت أعمال إيشر تعبّرعن فهمٍ خاصٍ وعميقٍ لنظريات مثل تطور الأنواع والنسبية، وبعض مشاكل "اللانهائية" الرياضية.
ورغم فشله في مادة الرياضيات في فترة الدراسة، استطاع إيشر بأعماله الرائدة، وبشكل تصويري، إبراز الجمال الذي لطالما عجز الرياضيون عن التعبير عنه.
مقولاته الفلسفية
لإيشر العديد من المقولات التي نُقلت عنه، وسُجّلت، معبرة عن فلسفته ورؤيته في الحياة، ومنها:
"نحن نحب الفوضى لأننا نحب إنتاج النظام".
"أستطيع أن أملأ حياتي الثانية بالكامل بأعمالي الفنية".
"لكي تشعر بالسلام تقبّل ما لا تستطيع فهمه، أن تنتظر ما ينتظرك، عليك أن تكون أكثر حكمة مني".
أكثر لحظات التفاؤل بالنسبة لي هي عندما أشعر أنه لا أحد في هذا العالم صنع شيئاً بهذا القدر من الجمال والأهمية".
"الحياة لعبة مملة".
"الأشياء التي أريد التعبير عنها غاية في الجمال والنقاء".
"دعنا إذن نتسلق جبلاً، ليس بأن نخطو على ما تحتنا، ولكن بأن نجذب ما فوقنا إلينا، ذلك الجزء مني القابع في النجوم، آمين".