تعرَّضت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، أمس الأربعاء، 14 ديسمبر/كانون الأول 2017، لهزيمة قوية في البرلمان، عشية قمة هامة للاتحاد الأوروبي، وذلك بعد تمرد نواب من حزبها على إرادة الحكومة وانضمامهم إلى صفوف المطالبين بأن يكون لمجلس النواب القرار الحاسم بشأن أي اتفاق مع بروكسل حول بريكست.
وصوّت 11 عضواً من حزب المحافظين مع نواب المعارضة، ليُلحقوا بالحكومة أولى هزائمها فيما يتعلق بقانون بريكست، لتعلو بعد ذلك صيحات الابتهاج في مجلس العموم.
وكان وزراء سعوا إلى استمالة النواب المتمردين عبر تقديم تنازلات ووعود إليهم في اللحظة الأخيرة، إلا أن النائب دومينيك غريف، الذي يتزعم حالة الاعتراض داخل البرلمان قال محذراً: "لقد فات الأوان".
ويطالب التعديل الذي قدَّمه غريف بجعل تصويت البرلمان ملزماً على أي اتفاق متعلق ببريكست، يسبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في مارس/آذار 2019.
وفاز اقتراح غريف بعد نيله 309 أصوات مقابل 305، وقد تم احتساب نائب محافظ آخر، إضافة إلى النواب الـ11 المتمردين، بأنه ممتنع عن التصويت، بعد أن قام بالتصويت لصالح المعسكرين.
ويشكل التصويت ضربةً لحكومة ماي، عشية قمة في بروكسل تكتسب أهمية كبيرة، حيث من المقرر أن يوافق قادة الاتحاد الأوروبي على بنود التسوية حول بريكست، التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي، بعد مفاوضات شاقة.
وأعربت وزارة بريكست عن "خيبة أملها".
وقالت الوزارة في بيان "علينا الآن أن نقرر ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من التعديلات على الاتفاق، للتأكد من أنه يُحقق هدفه الأساسي".
وقالت جينا ميلر، وهي إحدى أبرز شخصيات المعسكر المؤيد لأوروبا "السيادة البرلمانية تنتصر اليوم".
في المقابل قال نايجل فاراج، الذي لعب دوراً أساسياً في حملة تأييد بريكست "احتقاري لممتهني السياسة لا حدود له".
عرقلة بريكست "سلس"
ويهدف قانون الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء عضوية بريطانيا في التكتل رسمياً، وتسهيل عملية خروجها من الاتحاد، عبر دمج الآلاف من تشريعات الاتحاد الأوروبي في القوانين البريطانية.
وهو يمنح كذلك الوزراء صلاحية تعديل القوانين من أجل تخطي أي عوائق تقنية مع تقدم العملية.
ويدور الخلاف حول البند التاسع من القانون، الذي يمنح الحكومة "سلطات هنري الثامن" لتطبيق اتفاقية بريكست دون موافقة البرلمان.
واتهم النائب المحافظ إيان دنكان سميث، المدافع الشرس عن بريكست، في وقت سابق، غريف بـ"البحث عن طرق لتعطيل القانون"، قائلاً إن التعديل من شأنه "تكبيل أيدي الحكومة" في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
وكان الوزير المكلف بملف بريسكت ديفيد ديفيس، وعد في وقت سابق من الأربعاء بإجراء تصويت نهائي على الاتفاق في مجلسي النواب والعموم، على أن يقرَّ البرلمان تشريعاً جديداً يسمح بتطبيق الاتفاق.
إلا أن الوزراء أرادوا الاحتفاظ بصلاحياتهم، في حال لم يتم إقرار القانون في التوقيت المطلوب.
"شيك على بياض"
وبعد أشهر من المفاوضات الصعبة توصلت ماي إلى اتفاق اللحظة الأخيرة، حول 3 مسائل تشكل جوهر انسحابها من التكتل، بينها الحدود مع أيرلندا، وكلفة بريكست، وحقوق المواطنين.
وشكلت التسوية انتصاراً لماي، التي تواجه صعوبات كبيرة في فرض سلطتها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية في انتخابات كارثية، جرت في يونيو/حزيران الماضي.
وأعطى البرلمان الأوروبي، الأربعاء، موافقته على التسوية، ومن المتوقع أن يعطي قادة الاتحاد الأوروبي في قمة تعقد الخميس والجمعة في بروكسل الضوء الأخضر لانتقال المفاوضات إلى بحث المسائل التجارية.
وحذَّر الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، بريطانيا من "التراجع"، بعد تصريحات وزير بريكست البريطاني بأن بلاده لن تفي بالتزاماتها المالية للاتحاد الأوروبي، التي تم الاتفاق عليها هذا الأسبوع، إذا تعذر إبرام معاهدة تجارية مع التكتل.
ويضع تصويت الأربعاء المزيد من العراقيل أمام ماي، وسط انقسام بين حزبها والبرلمان، حول مستقبل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وكان غريف حذر قبل التصويت من أن الوزراء يطلبون "شيكاً على بياض للحكومة من أجل إتمام أمر لا نعلم في الوقت الراهن ماهيته".