هالني وأزعجني ما تابعته على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لزوجة الدكتور عبدالله شحاتة
-مستشار وزير المالية بحكومة الرئيس مرسي- حيث أظهرت الصورة الزوجة وهي تنام أمام سجن العقرب بالشارع لعلها تستطيع زيارة زوجها.
وقالت ناشرة الصورة: "زوجة د. عبد الله شحاتة الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تنام على الطريق في الشارع أمام سجن العقرب لعلها تستطيع أن ترى زوجها من خلال الزجاج فقط، فهي لا تستطيع مصافحته، أو لمسه، أو أن تُسرّ إليه حديثًا"..
نحن أمام محنة وطن بكل المقاييس، فأن تجد الشرفاء الحريصين على الوطن في غياهب السجون، وتُلفَّق لهم التهم جزافًا، فهذا هو عين الإهانة والتخلف والانحدار. ومما يزيد الألم في النفوس تصدُّر الرويبضة للمشهد العام في كل مجال، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا داعي لذكرها. وهؤلاء كما عبّر عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما سُئل عن الرويبضة، قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، وهذا ما نلاحظه ونشاهده الآن في مصر المحروسة!
أقول كان لي شرف اللقاء بالدكتور عبد الله شحاتة، فوجدته رجلاً دمث الأخلاق، حريصًا على وطنه، متفانيًا في عمله، يُحبّ الخير لكل الناس. فهل يريد الجنرال السيسي أن يُغيّب أصحاب الكفاءات ويهينهم بهذه الطريقة الفجّة.. أم أنه يريد أن يقضي على كل ما هو خير؟!
أقول وأكرر أن السيسي، في تقديري، جاء ليدمّر مصر، ولعل شهادة السيد عزت غنيم محامي شحاتة، تشير إلى أنه تعرّض في محبسه للتعذيب، وتم إجباره على الإدلاء بأقوال واعترافات معدَّة له سلفًا أمام كاميرا فيديو مثبتة أمامه، ووجّهت له سلطات الانقلاب قائمة من الاتهامات، من بينها ارتكاب حوادث عنف وتكدير السلم المجتمعي!
وحتى يتّضح المقال أُذكِّر حضراتكم من هو الدكتور عبد الله شحاتة أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، العالم الشاب والأستاذ الجامعي المولود في محافظة المنوفية عام 1972، تخرج كأول دفعته، وحصل على الدكتوراه من بريطانيا، عمل في عدد من المراكز الاقتصادية العالمية المتخصصة وخبيرًا بالمعونة الأميركية ومستشارًا في وزارة المالية وتم اختياره خبيرًا في صندوق النقد الدولي.
إنه الأستاذ الدكتور عبدالله شحاتة خطّاب، خبير الاقتصاد الدولي والأستاذ الجامعي الذي ملأ الجامعة علمًا ورفع اسم مصر عاليًا، كخبير اقتصاد دولي يقبع الآن في ظلمات السجون والزنازين، لم تشفع له درجته العلمية، ولا مكانته العالمية، ولم تر سلطات الانقلاب العسكري للدكتور شحاتة من فضل.. إلاّ تعاونه لصالح الوطن مع حكومة سابقة يراها الانقلاب عدوّة له، وخطرًا على أمنه هي ومن تعاطف أو تعاون معها.
ويعتبر متخصصون الدكتور شحاتة، أحد أهم خبراء المالية العامة في مصر والمنطقة العربية، حيث اختارته مؤسسات دولية ضمن فرق عملها منذ سنوات عدة، كما تولى مناصب اقتصادية عدة في مصر.
وكان صاحب أول دراسة علمية في مصر عن دعم الطاقة، والدراسة منشورة على موقع المركز المصري للدراسات، وقد عمل شحاتة في عدد من المراكز الاقتصادية المتخصصة، منها المركز المصري للدراسات الاقتصادية.
وحينما كان يعمل خبيرًا في صندوق النقد الدولي، في مقر عمله بدولة الكويت، دُعي إلى العودة إلى مصر للعمل مرة أخرى في وزارة المالية، استقال من منصبه في الصندوق، فعاد ليخدم بلده.
كما كان أحد أبرز أعضاء الفريق الاقتصادي في وزارة المالية وحكومة، هشام قنديل، في عهد الرئيس محمد مرسي، وكان له دور مباشر في عدد من المفاوضات مع رجال أعمال متهرِّبين، فقد نجح في استرداد جزء من حقوق الدولة، كما قاد مباحثات موسّعة مع المؤسسات الدولية لخبرته في ذلك المجال.
ورفض الدكتور شحاتة أكثر من فرصة، سُنحت له بعد انقلاب 3-7-2013 للسفر إلى الخارج للعمل في مؤسسات دولية رغم التضييق عليه في مجال عمله الأكاديمي في مصر.
هذا باختصار الدكتور عبد الله شحاتة، الذي ما زال يقبع في سجون السيسي، وغيره كثير من العلماء يُسامون سوء العذاب في سجون الانقلاب. هل هذه هي مصر التي يريدها الجنرال، يتقدّم فيها الأقزام ويتأخّر ويُسجن العلماء ويُقتل الأبرياء؟ لك الله يا مصر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.