بعد 10 أشهر من موجة الإرهاب التي بدأت بمهاجمة مكتب شارلي إيبدو في 7 يناير/كانون الثاني 2015 تعيش باريس مرة أخرى حالةً قصوى من الطوارئ. لكن خلال الأشهر العشرة، غيّر الإرهاب من أبعاده.
ارتفعت حصيلة الضحايا من 27 في عملية شارلي إيبدو إلى 128 على الأقل، بالإضافة إلى 300 جريح، 80 منهم في حالةٍ خطرة في اعتداءات باريس الأخيرة.
لطالما كانت المسألة مسألة إرهاب؛ لكنها الآن أشبه بالحرب مثلما اعترف فرانسوا هولاند الذي فرض حالة الطوارئ بعد الهجوم بوقت قصير.
تسمح حالة الطوارئ هذه لرجال الشرطة، بحسب تقرير نشرته النسخة الفرنسية لـ"هافينغتون بوست"، بتفتيش المارة، وإغلاق الأماكن العامة وتقييد حركة الأشخاص، علاوةً على مراقبة وسائل الإعلام. وهي أيضاً مناسبة لفرض حظر التجول، كما دعا وزير الداخلية الفرنسي الذي قال أنه ضروري لإنهاء التحقيقات واستعادة الهدوء في شوارع العاصمة.
لكن ما الذي تستطيع الحكومة فعله إن ظل خطر الإرهاب قائماً؟ في الواقع إن قائمة الإجراءات "التقليدية" المعهودة محدودةٌ للغاية.
تمديد حالة الطوارئ لفترة غير محددة
يقول باتريك مارتان جونييه، البروفيسور في الشؤون السياسية في جامعة باريس، إن "عطلة الميلاد اقتربت، وهو التوقيت الذي يحتشد فيه الناس أمام المحلات التجارية. قد يخطر لإرهابي أن يفجر نفسه بين الحشود".
لكن حماية باريس وسائر فرنسا من أي هجوم إرهابي آخر هي عملية أعقد بكثير، رغم التعزيزات الهائلة التي وصلت إلى العاصمة.
بعيد هجمات شارلي ايبدو تم فرض حالة الطوارئ القصوى، واستمرت لفترة معينة، لكن محدودية عدد الكوادر اللازمة للاستمرار في العملية، بالإضافة إلى العبء المالي الناجم عند دفع مرتبات إضافية إلى رجال الشرطة شكّل مشكلة حقيقية، حينها كان قد تم استدعاء 1500 كادر من الجيش لتعزيز الإجراءات الأمنية.
لكن أحداث 13 نوفمبر كشفت قصور خطة الطوارئ وعدم فعاليتها.
معتتقل شبيه بغوانتانامو
تفتقر القوات إلى الوسائل اللازمة لإنجاز عملها بالشكل الأمثل، وقال آلان شويه، المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات الفرنسية، أنه "ليس بوسعنا فعل الكثير بهذا الصدد. يبدو أنه من المستحيل منع ثمانية رجال مدربين في الخارج من القيام بما قام به إرهابيو هجوم الأمس.
المجموعة التي ارتكبت مجازر الأمس هم أشخاص يعرفون بعضم البعض مسبقاً، تم تدريبهم على عدم لفت الانتباه وعلى النفاذ من رادارات المراقبة بشكل منفصل، ثم القيام بمهمتهم في نفس الوقت.
وأضاف شويه "لا نستطيع فتح غوانتانامو وسَجن آلاف الأشخاص العائدين من سوريا، لا نستطيع منع ثمانية أشخاص من امتلاك السلاح".
مصدر في الشرطة الفرنسية، قال "لا شك أننا يجب أن نحشد كل جهودنا، لكن يجب أن نعرف أنه ستكون هناك هجمات أخرى. تختلف الأمور هنا عن واقع دول أخرى مثل إسرائيل، فهي بلد صغير يفرض إجراءات أمنية هائلة".
قوانين جديدة أو القضاء على داعش ي عقر داره
لكن بالنسبة لوزير الداخلية الفرنسي، يجب أن تكون الإجراءات على نطاق سياسي غالباً وأن تشمل قوانين جديدة. منذ عام 2012، أقر البرلمان قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب.
ثمة أيضاً دعواتٌ لمعالجة المشكلة من جذورها.
فقد كتب الرئيس السابق لحزب اتحاد الحركة الشعبية في حسابه على فيسبوك "ثمة حاجةٌ إلى تحالف دولي أكبر. فقد اخترنا أن نُضعف ديكتاتوريات الشرق الأوسط، لكننا لم نأخذ بعين الاعتبار كل التداعيات الممكنة لهذا القرار. لقد سقطت تلك المنطقة في الفوضى. إن تنظيم الدولة الإسلامية ليس دولة أو حكومة، علينا أن نتعامل معه بصرامة أكبر ونشن حرباً ضده بموافقة الأمم المتحدة بحيث ننهي وجود التنظيم نهائياً في عقر داره، حتى لو تطلب الأمر إرسال قوات برية".