الصراع ليس بين إصلاحيين ومحافظين.. تعرَّف على 5 حقائق كشفتها انتخابات إيران الأخيرة

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/29 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/29 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش

خاب أمل المراقبين الذين اعتقدوا أن الانتخابات هي معركة بين الإصلاحيين والمحافظين، خاصةً بعد أن وردت تقارير تفيد بأن معظم الإصلاحيين لم يحصلوا على موافقة من مجلس صيانة الدستور.

تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، الأحد 28 فبراير/شباط 2016، رصد 5 دروس مستخلصة من الانتخابات الإيرانية 2016.

1- الانقسام الآن بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق النووي

تسبب الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران في يوليو/تموز 2015 في حالة من الانقسام في السياسة الإيرانية. فالانقسام الرئيسي في الانتخابات كان بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق.

علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، كان حليفاً فعالاً للرئيس حسن روحاني. وهاجم لاريجاني منتقدي الاتفاق في مستوى من التعاون بين البرلمان والحكومة لم يُشهد لها مثيل أثناء رئاسة أحمدي نجاد وفي السنوات الأخيرة من حكم خاتمي.

وخلال الانتخابات، عكس الدعم الشعبي الذي تلقاه لاريجاني في قُم من قبل الجنرال قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني) مدى تأييد النخبة السياسية للاتفاق النووي.

ولكن حين تم توقيع الاتفاق، لم يكن الأمر مؤقتاً. فتطبيق الاتفاق سيستمر طوال السنوات الـ9 القادمة، سواءٌ من حيث تقييد برنامج إيران النووي أو من حيث رفع العقوبات الأوروبية والأميركية. وهذا يعني أن الاتفاق سيستمر في تحديد ملامح السياسة الإيرانية، حتى وإن ضعُف تأثيره بمرور الوقت.

2- لا يمكن حصر السياسة بين الإصلاحيين ضد المحافظين

إيران بلدٌ كبير، أكبر من العراق وتركيا وسوريا مجتمعةً، وكل انتخابات إيرانية تُفرز خليطاً معقداً من العوامل الإقليمية والعشائرية والمحلية. للناخبين أسبابٌ كثيرة للتصويت، وأكبر قضية في انتخابات معظم البلدان هي الاقتصاد، لكن الاقتصاد يتضمن فرص العمل، الأسعار، الإسكان والقضايا البيئية الملحّة مثل إدارة الموارد المائية.

إن التعميم الذي كان يقسم التيارات السياسية الإيرانية بين "اليسار" و"اليمين" في ثمانينات القرن الماضي، وإلى "إصلاحية" و"محافظة" في تسعينيات القرن ذاته، لم يعد ممكناً.

3- شكل خلافة خامنئي مفتوح على كل الاحتمالات

بهزيمة آية الله محمد يازدي في انتخابات مجلس الخبراء، سيحتاج المجلس إلى رئيسٍ جديد. سيبقى المجلس في هيئة مبهمة، لكن أياً من كان من سيشغل المنصب، سيكون بمثابة تلميح لما سيكون عليه شكلُ خلافة خامنئي.

إن هزيمة يازدي، آية الله محمد تقي مصباح يازدي وأحمد جناتي، وكلهم كانوا مرشحين عن طهران، تمثل ضربة قوية لكبار رجال الدين الذين عارضوا روحاني مثلما عارضوا تحسين العلاقات مع الغرب. لكن نتائج الانتخابات في بقية أنحاء إيران قد تنطوي على مفاجآت أخرى.

4- بعيداً عن كونه إصلاحياً روحاني سياسي بارع

أثبت الرئيس الإيراني نفسه بشكل واضح كداهية وسياسي بارع، فبعدما تحمّل العبء السياسي للاتفاق النووي التاريخي، استطاع الفوز بالمعركة الانتخابية وكسب التأييد الشعبي مرة أخرى أمام المحافظين.

تقوم سياسات روحاني بالأساس على بذل الجهد في اتجاه تحسين العلاقات مع الدول الأخرى ومن ضمنها أميركا، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى دفع وتقوية القطاع الخاص وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى تقليص بعض القيود المتعلقة بالصحافة والشرطة الأخلاقية.

ربما لا تلقى سياسات واتجاهات روحاني إعجاب الكثير من قادة الرأي – خاصة بين الطبقة المتوسطة والطلاب – والتي أنتجت برنامجه للتغير، إلا أنه يدرك تماماً أن عهد خاتمي والاحتجاجات التي عمّت الشوارع الإيرانية عقب الصراع الانتخابي في 2009 قد فتح الباب بشكل كبير على انقسامات سياسية في المجتمع الإيراني، ما قاده إلى تبني فكر يعتمد على التغيير التدريجي والتوافق.

5- التغيير يأتي ببطء

الإصلاحات الاقتصادية الحالية التي تشجع عملية النمو الدائم، بما فيها خلق فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للإيرانيين، ستشكل تحدياً كبيراً لأصحاب المصالح الخاصة، وخاصة الذي انتفعوا لفترات طويلة من الاقتصاد الإيراني المغلق نتيجة العقوبات المفروضة على الدولة وسياساتها التي تبنت أيديولوجية "المقاومة". لذلك، سيختار روحاني معاركه القادمة بعناية شديدة.

دولياً، تبدو المنطقة حالياً في وضع خَطِر، حيث بلغت حالة التوتر والصراع بين السنة والشيعة مرحلة غير مسبوقة، وهو ما خلق توازناً طبيعياً حافظ على قوة إيران وأعطاها الفرصة لتحسين علاقتها مع كلا من الولايات المتحدة – على الرغم من قرب انتخابات الرئاسة – وكذلك مع السعودية.

من الناحية السياسية، سيحتاج روحاني إلى كسب المزيد من الدعم الشعبي لضمان تجديد مدته الرئاسية مرة أخرى في العام القادم. في الوقت نفسه، تعكس تقارير رصدت بعض المناطق الأكثر فقراً وجود شعور عام بأنهم غير مستفيدين من رفع العقوبات الاقتصادية، أما بالنسبة للطبقة السياسية فسيحتاج روحاني إلى طمأنة المحافظين بأن ذلك التغيير الحذر الذي يقوم به هو في صالح الجمهورية الإسلامية، بالإضافة إلى تقديم بعض التنازلات للإصلاحيين، وخاصة فيما يخص السجناء السياسيين والرقابة.

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية.

تحميل المزيد