السرطان و الطب البديل

خلاصة القول إنه لا توجد حالياً أدلة علمية قوية على قدرة العلاج بالنباتات على علاج السرطان، أو اجتراح المعجزات لكن في حال أراد المريض تناول هذا العلاج، فيجب عليه استشارة الطبيب المعالج أولاً، والتعامل مع شخص خبير في هذا المجال فهذا الحقل بالذات مرتع خصب لكثير من الباحثين عن الثراء السريع ولو على حساب آلام الآخرين، وأن يضع نصب عينيه أنه ليس كل ما هو طبيعي آمن.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/01 الساعة 01:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/01 الساعة 01:48 بتوقيت غرينتش

لا تكاد تحضر مجلساً يكون محور الحديث فيه عن مرض السرطان إلا ويثار تساؤل حول الطب البديل أو المكمل ودورهما في علاج المرض، فلقد شاع هذا النوع من الطب بصورة كبيرة في مختلف الدول، وتعددت أنواعه لكننا بصدد الحديث هنا عن العلاج بالأعشاب كونه الأكثر شيوعاً، فقد أشارت بعض الدراسات أنّ حوالي 60% من مرضى السرطان يستعملون العلاج بالأعشاب بالإضافة إلى علاجات السرطان التقليدية والمعتمدة، فمعظم المرضى يلجأون لهذا النوع من العلاج ومن ضمنه الأعشاب لاعتقادهم بعدم وجود ضرر من استخدامها، كما أن كثيراً منهم يلجأون إليها نتيجة خيبة أملهم في الأدوية التقليدية في حال فشلت في إيقاف المرض فيجدون في الأعشاب الملجأ الأخير الذي يعطيهم بارقة أمل.

لقد استخدمت النباتات في علاج الكثير من الأمراض منذ آلاف السنين والكثير من الأدوية الحديثة، بما فيها بعض مضادات السرطان مستخرجة من بعض النباتات أو عصاراتها مثل علاج (Taxol) الشهير
والذي يستخدم في علاج العديد من أنواع السرطان أهمها سرطان الثدي يتم استخراجه من شجرة الطقسوس(yew tree).

لكن الفرق هنا أن الأدوية لا تصل إلى المريض إلا بعد أن تكون قد مرت بكل مراحل البحث العلمي بدءًا من التأكد من سلامتها إلى اختبارات الفعالية والكفاءة بينما يعتقد خبراء الأعشاب أن قدرتها على الشفاء تكمن في التوازن الكيماوي بين العناصر في النبتة ككل وليس في عنصرٍ ما نشط كما يحدث في الأدوية.
لقد تعاملت الأوساط العلمية والرقابية الغربية مع هذا الموضوع في بداية الأمر من منطلق الرفض الكامل، لكنها غيرت من أسلوب تعاملها فيما بعد عندما أيقنت أنها لن تستطيع منعه، وأن المريض سيجد طريقة ما للحصول على هذه المنتجات، فتحولت إلى القبول الحذر، فطالبت بوضع قوانين صارمة تجبر منتجي هذه المواد على وضع معلومات مفصلة عن المحتويات، وطريقة العمل، والجرعة، والأعراض الجانبية كما دعت إلى إجراء تجارب علمية حقيقية للوقوف على مدى سلامة ونجاعة هذه المواد.

فعلى صعيد الدراسات لم تأتِ أي دراسة علمية بدليل قوي يثبت أنّ العلاج بالأعشاب يمكن أن يعالج، أو يقي أو يشفي من السرطان. لكن هناك بعض الدراسات غير المأخوذ بها على نطاق واسع ومعظمها منشور باللغة الصينية تشير إلى أن بعض الأعشاب الصينية يمكن أن تعالج بعض أنواع السرطان أو تخفف من الآثار الجانبية لبعض أدوية السرطان، لكن هذه الدراسات ضعيفة، ويعيبها غياب التفاصيل حول طريقة إجرائها، مما يلقي بظلال من الشك حول مصداقيتها، علماً أن بعض هذه الأعشاب قد تمت تجربته في المختبر وعلى الحيوانات وأظهرت بعض النشاط ضد الخلايا السرطانية لكن هذه النتائج لم تثبت على المرضى، لذلك فهي بحاجة إلى المزيد من البحث.

لا يدعي معظم المختصين في علم الأعشاب، وبالذات الصينية منها أنّ بإمكانهم شفاء السرطان، لكنهم يستخدمون بعض هذه الأعشاب ضمن منظومة العلاج المعتمدة (العلاج الكيماوي أو الشعاعي أو الجراحي)، و يقولون إن العلاج بالأعشاب يقلل من الأعراض الجانبية للعلاج ويساهم بتخفيف الألم ويحسن من نوعية الحياة ويقوي جهاز المناعة عند المريض، ويقتضي التنويه هنا أنه ليس من النادر أن يشعر المريض بتحسن بعد أخذ أي علاج لأنه يتوقع أن يستفيد منه، وهو ما يسمى بال (Placebo effect)، لكن هذا المفعول لا يستمر طويلاً.

يبقى الأمر المهم وهو الاعتقاد السائد لدى العديد من الناس بأن كل ما هو طبيعي آمن، والواقع أنّ بعض الأدوية النباتية فعلاً آمنة بينما أخرى لها مضاعفات خطيرة، فالكثير من هذه النباتات يمكن أن تتفاعل مع علاجات السرطان الأخرى، مما يؤثر على عملية تفاعلها داخل الجسم أو تخلص الجسم من مخلفاتها، مما يضعف من التأثير الإيجابي لهذه الأدوية على الورم أو يزيد في مفعولها مما يزيد من شدة الأعراض الجانبيه لهذه الأدوية.

خلاصة القول إنه لا توجد حالياً أدلة علمية قوية على قدرة العلاج بالنباتات على علاج السرطان، أو اجتراح المعجزات لكن في حال أراد المريض تناول هذا العلاج، فيجب عليه استشارة الطبيب المعالج أولاً، والتعامل مع شخص خبير في هذا المجال فهذا الحقل بالذات مرتع خصب لكثير من الباحثين عن الثراء السريع ولو على حساب آلام الآخرين، وأن يضع نصب عينيه أنه ليس كل ما هو طبيعي آمن.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد