الاندماج الصعب.. لاجئون سوريون حلموا بالعيش في ألمانيا أو فرنسا فتوقفت رحلتهم عند بلغاريا التي لا تكفُّ عن التظاهر ضدهم

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/23 الساعة 09:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/23 الساعة 09:01 بتوقيت غرينتش

أملوا في بناء حياتهم من جديد في ألمانيا أو فرنسا أو السويد، لكن رحلة المنفى بالنسبة لمئات اللاجئين السوريين توقفت في بلغاريا، حيث لا يمكنهم إلا الاعتماد على أنفسهم وعلى تضامن البعض ليبدأوا حياتهم من جديد.

وقف السوري فهيم جابر، البالغ 57 عاماً عاجزاً عن الكلام، عندما تُرجمت له هتافات المتظاهرين في ساحة إيلين بيلين، القريبة من العاصمة صوفيا، الذين كانوا يهتفون "قاومنا العثمانيين ولن نقبلكم"، حسب ما يروي جابر.

تظاهروا ضد عائلته

ذنبه الوحيد أنه أراد الاستقرار في هذه المنطقة مع زوجته وابنهما الأصغر أحمد، البالغ 23 عاماً. لم يتوقع جابر مثل هذه المعارضة من رئيس البلدية وبعض الناشطين القوميين، الذين تظاهروا ضد عائلته الآتية من حلب.

وتقول زوجته فاطمة بطاي من مطبخ منزلهم المتواضع: "لم نخرج من المنزل لمدة شهرين"، بعد هذه التظاهرة العدائية، في فبراير/شباط.

استمر الوضع الصعب الذي عانته العائلة، حتى يوليو/تموز الماضي، حين منحها رئيس البلدية إذن إقامة، بعد أن حصلت على بطاقات "أجانب لهم وضع إنساني". وكانت العائلة وصلت إلى بلغاريا، في يونيو/حزيران 2016.

ونادراً ما يستقرّ لاجئون في بلغاريا، التي تعدّ 7,1 مليون نسمة، وتسجل أدنى مستوى معيشي في الاتحاد الأوروبي، ويستخدمها معظم اللاجئين بوابة لدخول الاتحاد الأوروبي.

قدم أكثر من 58 ألف مهاجر طلبات لجوء فيها منذ 2013، قبل أن يكمل معظمهم طريقهم إلى دول أكثر استقطاباً لهم.

"مشاعر معادية للاجئين"

يصل إلى بلغاريا سنوياً مئات المهاجرين، غالبيتهم سوريون وعراقيون، في غياب توفر بديل بعد إغلاق طريق البلقان في ربيع 2016. وفي بعض الأحيان، يختار بعض المهاجرين بلغاريا، مثل عائلة جابر التي لحقت بابنها الأكبر محمد، الذي وصل في أواخر 2013، ويعمل في مجال الإلكترونيات.

يرى المحلل والمستشار الحكومي السابق يافور سيديروف، أن سلسلة من العقبات تقف في طريق الاندماج، منها العدائية التي يواجهها اللاجئون في إيلين بيلين، التي تعكس "توافقاً ضد اللاجئين" في المجتمع البلغاري.

وأشار إلى أنه "يتم تداول مزاعم بأنهم ينقلون أمراضاً وإرهابيون، ويسرقون الوظائف، خصوصاً عبر وسائل الإعلام الوطنية، وهذا الخطاب يولِّد الخوفَ في بلد يعاني أصلاً من تراجع عدد سكانه، ويخشى تغير شعبه".

ويفيد معهد الإحصاء أن أكثر من مليوني بلغاري هاجروا منذ انتهاء النظام الشيوعي لأسباب اقتصادية، وهو ما أثر بطريقة مباشرة على معدل الولادات.

ومنذ آذار/مارس 2017، تولى المحافظ بويكو بوريسوف رئاسة الحكومة وأحاط نفسه بعدة وزراء ينتمون إلى أحزاب قومية.

ويرى سيديروف، أن العدائية تجاه اللاجئين تسيطر على كل الأحزاب، بدءاً من الشيوعيين القدامى وحتى الأحزاب اليمينية.

وما يسهم في إشاعة هذا المناخ غياب استراتيجية اندماج شاملة، لَطالما طالبت بها المنظمات الإنسانية، لكن من دون جدوى.

وأعربت المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، عن أسفها لعدم توفر أي خدمة حكومية تشجع الاندماج.

"القيام بكل شيء بمفردنا"

يقول السوري بلال حسن، البالغ 44 عاماً: "كان علينا القيام بكل شيء بمفردنا. لم يشرح لنا ماذا يجب أن نفعل وكيف". علق حسن في بلغاريا بعد أن فرّ المهرّب الذي كان من المفترض أن ينقله إلى بلد آخر مع عائلته، آخذاً معه المال الذي دفعه للعبور.

ويقول حسن الذي يحمل شهادة حقوق، متحدثاً بلغة إنكليزية جيدة: "قدري كان أن أتعرف على أصدقاء هنا، لولاهم لما كان شيء ممكناً، السكن والعمل والحياة هنا". يعمل حسن حالياً في مركز استقبال للاجئين في صوفيا، بعد منحه حالة "أجنبي له وضع إنساني".

أما بالنسبة إلى خالد دياب، السوري البالغ 36 عاماً، الذي لا يتكلم إلا العربية، فلا يزال الطريق في أوله، رغم أنه وصل إلى بلغاريا بطريقة شرعية.

ودياب مع زوجته وولديه بين اللاجئين الخمسين الأوائل، الذين "نقلوا" من اليونان إلى بلغاريا، في إطار برنامج تقاسم المرشحين إلى الهجرة بين دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن تعهدت صوفيا باستقبال ألف لاجئ.

مثل باقي المعاد توزيعُهم، لم يختر دياب وجهة هجرته. وما إن تحصل العائلة على إذن الإقامة في بلغاريا، ستُمنح 15 يوماً لمغادرة مخيم الاستقبال في صوفيا، من دون أن تعرف إلى أين ستتوجه.

ويقول خالد: "منذ سنتين ونحن مشردين، والولدان لا يذهبان إلى المدرسة".

ويرى سيديروف أنه رغم النظرة السلبية إليهم، يمكن أن يعوض المهاجرون الهجرة الجماعية للعمال، ويوضح أنه "بما أنه لا يمكن أن نتوقع أن يأتي لا الألمان ولا السويسريون للعمل هنا، علينا إذا الالتفات إلى شعوب أخرى".

علامات:
تحميل المزيد