في مدينة هارلا (شرق إثيوبيا)، كشفت عملية تنقيب، عن مدينة إسلامية قديمة يُعتَقَد أنَّها أول دليل على اتصال البلاد بالخليج، ومصر، والهند عن طريق التجارة.
علماء آثار قالوا -وفق ما ذكرته صحيفة الإندبندنت– إن مسجداً يعود للقرن الثاني عشر وُجد مدفوناً بباطن الأرض في المدينة، ووجدوا كذلك أدلة على وجود شواهد قبور ومدافن إسلامية، وبقايا أوعية زجاجية، وأحجار عقيق زينة.
وقال علماء الآثار الذين اكتشفوا المسجد إنه يدل على وجود صلات تاريخية بين مجتمعات مسلمة في قارة إفريقيا، وفق صحيفة "الآن".
وقال البروفيسور تيموثي إينسول: "هذه الاكتشافات تثبت أن هذه المنطقة كانت مركزاً تجارياً". وعثر الفريق أيضاً على قطع أثرية من اليمن وجزر المالديف ومدغشقر والصين.
الأسطورة المنتشرة
وفق صحيفة "الآن"، تنتشر أسطورة حول احتلال عمالقة للمنطقة؛ لأن البنايات والجدران كلها مبنية بحجارة ضخمة لا يستطيع الناس العاديون رفعها، لكن علماء الآثار لم يجدوا ما يدل على العمالقة.
وقال البروفيسور إنسول: "لم نتفق مع هذه الأسطورة، لكني غير واثق إن كان أهل المنطقة يثقون بما توصلنا إليه".
وجاء في بيان صادر عن الفريق أن بقايا 300 شخص في المقبرة يجري تحليلها؛ لمعرفة الطعام الذي كانوا يتغذّون عليه.
عملات نقدية عدة
عُثِرَ في الموقع ذاته على عدد من العملات النقدية البرونزية والفضية تعود إلى مصر في القرن الثالث عشر.
وجديرٌ بالذكر أنَّ المزارعين في المدينة لطالما صادفوا أواني فخارية وعملات نقدية قديمة طوال الأعوام الماضية، إلا أنَّ المدينة لم تُكتَشَف إلا حين وصل باحثون من جامعة إكستر البريطانية وبدأوا في عمليات التنقيب، وفق الإندبندنت.
وقال البروفيسور تيموثي إنسول الذي قاد عملية البحث: "هذا الاكتشاف يمثل ثورة تُغيِّر من فَهمنا لحركة التجارة في جزءٍ من إثيوبيا أهمله علماء الآثار؛ إذ يظهر لنا ما اكتشفناه أنَّ هذه البقعة كانت مركزاً للتجارة في هذه المنطقة. وكانت المدينة مركزاً غنياً وعالمياً لصنع المجوهرات؛ إذ كانت القطع المُصنَّعة هنا تؤخذ وتُباع في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. وسكان هارلا كانوا مزيجاً مجتمعياً من الأجانب والسكان المحليين الذين انخرطوا في حركة التجارة مع الآخرين بالبحر الأحمر والمحيط الهندي؛ بل وربما امتدت تجارتهم لأماكن بعيدة كالخليج العربي".
كان يسكنها مجتمع شديد الاختلاط
وتابع إنسول وفق الاندبندنت: "تُرجِّح المكتشفات الأثرية أنَّ هذا المكان كان موطناً لمجتمعٍ شديد الاختلاط. وكان السكان المحليون شديدي الحرص على أن نكشف غموض المكان. فلطالما وجد المزارعون أشياءً غريبة بينما هم منهمكون في العمل بأراضيهم، بما في ذلك العملات النقدية الصينية، ثم ما لبثت أسطورة أنَّ المنطقة كانت موطناً للعمالقة في الانتشار. ودحضنا هذا الأمر كما هو واضح، إلا أنَّني غير متأكد من تصديقهم لنا تماماً إلى الآن".
وصلت أعمال الحفر حتى الآن إلى عمق 2.5 متر، وأرجع الباحثون مكتشفاتهم الأولية إلى القرن السادس الميلادي. وستُعرض هذه الاكتشافات في مركز تراثي يديره السكان المحليون، كما سيُنقَل بعضها إلى متحف وطني في أديس أبابا.