بروفيسورتي عالمة قديرة ثابرت كثيراً في حياتها العلمية حتى وصلت إلى رئاسة القسم، ولكنها اختارت عملها على الحياة العائلية والاجتماعية، ولديها قناعة من حديد بأن العلم (البحث العلمي) والأطفال لا يلتقيان في سلة واحدة.
كثيرة هي حوارات التحدي بيني وبينها كوني أماً لأطفال لا يمنع أبداً أن أكون مبدعة في عملي، وهي بدورها تفننت في الضغوطات التي مارستها علي خلال الفترة الماضية من أعمال وتجارب إضافية لتتفاجأ في كل مرة بأنني أنجزها وبدقة.
شعرت أحيانا بالتعب الشديد من ضغوطاتها ولم أفكر أبداً في الاستسلام، ولكن في النهاية أنا بشر لديه مشاعر، فكان لا بد من شعور الضعف أن يتسلل لي في بعض الأوقات.
إلى أن قرأت على لوحة الإعلان في معهدنا عن محاضرة ضمن سلسلة محاضرات في مؤتمر وهي العلم والعائلة، رغم وقتها المتأخر إلا إنني ذهبت. وعلى المنصة وقفت بروفيسورة شابة تشرح كيف نظمت حياتها مع طفلين مع نجاحها في العمل، كل ما ذكرته تقريباً أطبقه في حياتي، فقررت أن أتكلم معها شخصياً، فانتظرتها عندما انتهت، وكانت استراحة القهوة فذهبت إليها، وطلبت أن نشرب القهوة سوياً، وجلست أحدثها عن كل الضغوطات التي مررت بها، فضحكت حتى دمعت عيونها، وقالت لي: وكأن خزعبلة الأرواح المستنسخة صحيحة.. يا إلهي!
هل تصدقين أنني مررت بذات الضغوطات من رئيسي السابق وفي كل مرة كان ينتظر فشلي، خصوصاً عندما علم أنني حامل بطفلي الأول؛ ليؤكد لي أن المرأة لا بد لها أن تختار ما بين البحوث أو الأطفال، ولكن ولادة طفلي الأول رافقت فوزي بأول جائزة من المنظمة الألمانية لبحوث السرطان، وقيمتها 200 ألف يورو، على أثرها تم تعييني مديرة مجموعة بحثية وتحت رئاسة نفس الشخص، وتفنن في تحميلي ما لا يُطاق، ثم حملت بطفلي الثاني، وأيضاً ترافقت ولادته بحصولي على دعم آخر من منظمة أخرى بقيمة 120 ألف يورو، وعلى أثرها تم تعييني مديرة مجموعة ناشئة وأصبحت رئيسة نفسي؛ لذلك تابعي ولا تدعي مجالاً للاستسلام وسيسعدني أن نكون صديقتين، وإذا حصل وشعرت أنك بحاجة إلى طاقة إيجابية لا تترددي في زيارتي في المختبر في أي وقت.
هذه القصة حصلت في السنة الماضية تقريباً، وهذه السنة كسبت التحدي بأن الأمومة والعلم يلتقيان ويتفاعلان بالجد والإيمان والمثابرة، وأهم من ذلك كله التوازن.
في مثل هذا اليوم صباحاً من العام الماضي أرسلت لي ذات البروفيسورة اللطيفة رسالة تقول لي فيها: مرحباً عليا أنا وضعت هذا الأسبوع طفلي الثالث لقد تعادلنا، أتمنى لك التوفيق في طريقك، وما أجمل العلم عندما نشاركه مع أطفالنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.