إما أن ننقذ لبنان أو ننتحر

إن التعقيدات الإقليمية وارتباط طرفي النزاع اللبنانيين بها، يرتب على المسيحيين اليوم مسؤولية وطنية كبرى وهم مدعوّون اليوم أكثر من أي وقت مضى لاتخاذ موقف شجاع وتقديم تضحيات للحفاظ على البلد لتحصينه ومنع اشتعاله في لحظة الاشتعال الإقليمي. وذلك على قاعدة ماذا ينفع اللبنانيين وماذا ينفع المسيحيين وجود رئيس "قوي مسيحي" إن لم يبقَ البلد.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/26 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/26 الساعة 01:28 بتوقيت غرينتش

إليك هذه الحقيقة الصادمة! ا توجد قرية في لبنان فيها اختلاط سني شيعي.على امتداد الجغرافيا اللبنانية توجد قرى فيها اختلاط وتنوع طائفي تاريخيًّا، درزية مسيحية، درزية سنية، درزية شيعية، وكذلك مسيحية سنية ومسيحية شيعية. إلا أن في البحث عن قرية يعيش فيها توازياً السنة والشيعة النتيجة صادمة، كما أوردت في البداية. وبالتأكيد لهذا أسباب موضوعية داخلية وأخرى لها علاقة بوضع المنطقة.

قد يكون من إيجابية هذا المشهد، رغم كل سلبياته، أنه حافظ على هدوء نسبي في لبنان ومنع صدام دموي محتمل في ظل اشتباك إقليمي خطير وخطاب داخلي متوتر هو أشبه بحفلة جنون مذهبي.

أي مراقب للأحداث من حولنا يستنتج أن المنطقة تتجه للمزيد من الاشتعال والتصعيد وليس العكس، وكل المؤشرات تدل على أن الانخراط السعودي التركي المباشر في الحرب السورية بات مسألة وقت. قد يعني هذا دخول عسكري برّي أو قد يأخذ منحى آخر، إِلَّا أنّ الخط الأحمر لسقوط حلب قد رُسم سعوديًّا وتركيًّا.

ولكن كيف ستكون تداعياته على الداخل اللبناني؟

في لبنان الساحة مكشوفة كليًّا في ظل فراغ موقع رئاسة الجمهورية، الذي وعلى الرغم من عدم امتلاكه صلاحيات واسعة يلعب دوراً جوهريًّا في ضبط إيقاع التوازنات السياسية الداخلية، وتحديد سياسة لبنان الخارجية وعلاقته بالجوار التي تبدو في أسوأ حال منذ تأسيس دولة لبنان الكبير.

وحده الحاكم بأمره اليوم هو السلاح غير الشرعي بيد حزب الله ولا صوت يعلو فوق صراخ أمينه العام السيد حسن نصرالله، الذي أعلن بخطاب واضح بالأمس القريب الانشقاق عن المحيط العربي كما فرز المسلمين بين سنّة مع إسرائيل وشيعة ضد إسرائيل.

هذا الموقف يرتب على لبنان واللبنانيين أضراراً جمّة ليس أولها إعلان السعودية عن أيقاف هبة 3.5 مليار دولار كانت قد قدمتها للدولة اللبنانية، ولن يكون آخرها تبليغ دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من 20 لبنانية بضرورة مغادرة أراضيها في خلال 48 ساعة، وذلك انسجاماً مع الموقف السعودي المنزعج من سياسة لبنان الخارجية "غير الندية" والتي يقودها حليف حزب الله جبران باسيل.

كيف سيواجه اللبنانيون -وتحديداً المسيحيين- محاولات عزلهم عن محيطهم العربي؟ وهل من حلول تحول دون المواجهة؟

يضع نصرالله اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً أمام خيارين أحلاهما مرّ. إمّا أن نكون في مواجهة مليار ومئة مليون مسلم سني، وإما أن نكون في مواجهة مئتي مليون مسلم شيعي.

ولكن هناك خيار ثالث، غير متوفر حالياً، قد -وأقول قد- يجنبنا هذا الحريق الطائفي والمذهبي المتمدد.

يكمن هذا الخطاب بانتخاب رئيس للجمهورية من خارج مواصفات "الرئيس القوي عند طائفته" ومن خارج الاصطفاف السياسي العمودي في البلد. وبكل صراحة لا يتحقق هذا الانتخاب إِلَّا بقلب الطاولة وسحب ترشيح كل من سليمان فرنجية وميشال عون، وبالتالي توافق المسيحيون أنفسهم على مرشح وسطي مقبول داخليًّا وإقليميًّا.

إن التعقيدات الإقليمية وارتباط طرفي النزاع اللبنانيين بها، يرتب على المسيحيين اليوم مسؤولية وطنية كبرى وهم مدعوّون اليوم أكثر من أي وقت مضى لاتخاذ موقف شجاع وتقديم تضحيات للحفاظ على البلد لتحصينه ومنع اشتعاله في لحظة الاشتعال الإقليمي. وذلك على قاعدة ماذا ينفع اللبنانيين وماذا ينفع المسيحيين وجود رئيس "قوي مسيحي" إن لم يبقَ البلد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد