لم يكن ذلك الاسم في مخيلتي لمقال كنت قد نويت أن أكتبه عن أزمة الثانوية العامة التي تدخل أسبوعها الثالث دون أن يوجد لها حل، ولا أن تتوقف تلك المهزلة، كما هو حال مصرنا الحبيبة لا يمر أسبوع فيها من دون أزمة تشغل الرأي العام ويتحدث عنها المجتمع، ولكن أزمة اليوم مختلفة تماماً، فهي ملازمة تقريباً لكل منزل ولكل أسرة مصرية.
فالمجتمع المصري وأسره يتم إعلان حالة الطوارئ فيه مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة، فكل منزل لديه ابن في شهادة إتمام الدراسة الثانوية يتخذ إجراءاته، وتقريباً قد تصل تلك الإجراءات لمنع الزيارات الأسرية لديهم في ذلك الوقت، وذلك لتهيئة الأجواء لأبنائهم وتوفير الأوقات لهم؛ لينكبوا على تحصيل العلم والاجتهاد في المذاكرة آملين لأبنائهم أن يحصدوا أعلى الدرجات؛ ليلتحقوا بكليات القمة التي يبدأون منها بناء مستقبلهم وحياتهم وتحقيق آمال وأحلام أسرهم وذويهم.
إن كل ذلك الكم الهائل من الترتيبات والمتغيرات التي تحدث داخل منازل الأسر المصرية أثناء ذلك الوقت من كل عام لا تأبه به الدولة المصرية الكبيرة، وكيف تعطي ذلك الحدث الهام في البلاد أهميته وكثير من الأحداث مرت بها مصرنا مثل ذلك الحدث في الأهمية ولم تعبأ بها الدولة. لان هذه هي سنة ودأب الحكم العسكري لا يبالي بالشعوب ولا يأخذ رأيهم او مشاعرهم في الاعتبار، فالصوت الأمني هو فوق كل صوت.
لنعُد معاً حيث وزير (الشيكا بيكا)، الوزير الذي يترأس وزارة التربية والتعليم، كم من السخط الهائل والشبهات والفشل وانعدام الرؤية أو حتى التخطيط الجيد أو حتى إيجاد الحلول للأزمة الطاحنة بل وحتى إيقاف المهزلة التي تحدث؟ ولكن وزير الشيكا البيكا تقريباً يرى أنه لا توجد أزمة على الإطلاق فهو منشغل بمعارك أخرى أهم وأكبر مما نتحدث نحن فيه؛ ليخرج الوزير في عمل صبياني ليهدد صفحة شاومينج المسؤولة عن التسريبات، فيرد عليه أدمن الصفحة بعدد من الفضائح للوزير ليطول السجال بينهم؛ هذا يهدد وذاك ينشر، والضحية بينهم الطلاب وأسرهم، فلا أحد يعبأ بهم.
لنعُد بالمشهد قليلاً فنتساءل: كيف يتم هذا الكم من الفشل من الوزير، ولم تتم إقالته ولا حتى محاسبته حتى ولو من باب الشكليات لإرضاء الناس وتهدئة غضبهم، ولكن لم يحدث هذا ولا ذاك.
فهل ذلك الوزير أقوى من أن يعزل أو أكبر من أن يحاسب؟ ليست هكذا هي الفكرة، فالحكم العسكري له هنا وجهة نظر، فكما هو الحال في أزمة وزير الداخلية سابقاً، فلم تتم إقالته، وكذلك وزير الطيران والفشل الذريع الذي تعيشه "مصر للطيران" لم تتم إقالته، والذي يراد من كل ذلك العناد وعدم المحاسبة هو أن يترسخ لدى الشعب كسر الإرادة، باختصار ليقول لهم الحكم العسكري: كل آرائكم بلا قيمة أو وزن.
وقد خرج الطلاب المصريون غاضبين من تلك المهزلة التي تساوى فيها المجتهد مع الفاشل، واختلطت فيها الأوراق؛ ليعبروا عن رفضهم لما يحدث، مطالبين بعدم إعادة المواد التي أدوها حتى وإن تسربت، فهذا ليس ذنبهم ولا خطأهم، وإنما خطأ الـ"شيكا بيكا" وفشله، وأخيراً مطالبين بإقالة الشيكا بيكا، فلم يجدوا آذاناً تسمعهم أو تستجيب لهم سوى صوت واحد، هو صوت صيحات الحرس والجنود والضباط قادمين إليهم؛ ليقبضوا على عدد منهم ويصيبوا الآخر، ويختنق بعضهم من قنابل الغاز، فقد أصبح في تلك البلاد قاعدة ألا وهي: لا صوت يعلو فوق صوت البندقية.
أما مستقبل هؤلاء الطلاب وجهدهم وتعبهم فلا يشغل بال الـ"شيكا بيكا"، المهم له هو أن يظل في منصبه ويمشي في موكبة؛ لتتبعه حراسته ويقيم في فِلّته.
ومن الآخر زي المثل المصري اللي بيقول: (اللي مش عاجبه يشرب من البحر).
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.