دور الشباب في تغيير التاريخ والربيع العربي الأول

فبدلاً من أن يشرعوا قوانين تحمي الأطفال في المدارس وتمنعهم من القدرة على شراء الأسلحة حتى الأوتوماتيكية منها، بكل سخف وضعوا المشكلة على كل شيء عدا وفرة السلاح! فمنهم مَن قال المجرم سيحصل على السلاح بكل الأحوال، لماذا نضع تشريعاً للحد من بيع الأسلحة إذاً؟ حقاً! لماذا تقرفون العالم بأجهزة التفتيش في المطارات؟ ولماذا تجرّم حيازة المخدرات إذاً بما أن المجرم سيجد وسيلة دائماً!

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/24 الساعة 01:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/24 الساعة 01:32 بتوقيت غرينتش

بعد أحداث إطلاق النار الأخيرة في مدرسة بولاية فلوريدا الأميركية، صدمني رد فعل المسؤولين في الكونغرس الأميركي.

فبدلاً من أن يشرعوا قوانين تحمي الأطفال في المدارس وتمنعهم من القدرة على شراء الأسلحة حتى الأوتوماتيكية منها، بكل سخف وضعوا المشكلة على كل شيء عدا وفرة السلاح! فمنهم مَن قال المجرم سيحصل على السلاح بكل الأحوال، لماذا نضع تشريعاً للحد من بيع الأسلحة إذاً؟ حقاً! لماذا تقرفون العالم بأجهزة التفتيش في المطارات؟ ولماذا تجرّم حيازة المخدرات إذاً بما أن المجرم سيجد وسيلة دائماً!

وآخر على قناة فوكس نيوز اقترح أن يتم تسليح الأساتذة تسليحاً ثقيلاً أو أن يتم نشر أفراد من الشرطة داخل المدارس، أعتقد أنه اختلط عليه ما هي المدرسة وما هو السجن! وغيرها من الترهات والاقتراحات التي بدا جلياً أن من يقف وراءها هم سياسيون قد تم شراؤهم بأموال من الاتحاد القومي للأسلحة (NRA).

لكن في خضم هذا المنظر الكئيب المحزن من تصرفات السياسين الدُّمَى، كان رد الطلاب (الجاهلين) على قدر عالٍ من النضج والرشد. ففي خطبة مليئة بمشاعر الحزن ألقتها إحدى الطالبات إيمي غونزاليس جاء فيها: "السياسيون الذين يجلسون في مقاعدهم في مجلس النواب ومجلس الشيوخ الممولون من قِبَل الاتحاد القومي للأسلحة يقولون لنا إنه لا شيء كان يمكن القيام به لمنع هذا الاعتداء، ونحن نقول هذا هراء (قذارة ثيران)، يقولون إن قوانين تنظيم بيع الأسلحة لن تخفض معدل جرائم السلاح، ونحن نقول هراء، يقولون إن شخصاً جيداً يحمل السلاح هو من يجب عليه إيقاف شخص يحمل السلاح ونحن نقول هراء..".

وكذلك تكلم العديد من الطلبة معظمهم لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عاماً بكلام جميل وناضج ينمّ عن وعي عميق للمشكلة وأسبابها، فبدا السياسيون ذوو الشعور البيضاء التي كان يجب أن تضفي عليهم وقاراً، بدوا أقزاماً جاهلة، دُمَى متحركة بالمال السياسي.

لكن الأمل في غد أفضل هو في هذا الشباب الواعي الذي وقف في وجه الفساد.

ونعود للشرق الأوسط..
أبو بكر 38 عاماً، عمر 26 عامً، عثمان 34 عاماً، علي 9 أعوام، أبو عبيدة 27 عاماً، الزبير 16 عاماً، وجعفر 18 عاماً!

هذه الأعمار التقريبية لعدد من صحابة رسول الله عندما اعتنقوا الإسلام، هل لاحظت شيئاً؟
الإسلام كان ثورة الشباب على معتقدات الجيل القديم. لا أدري لماذا يتم سرد قصص الإسلام لنا في الكتب والمسلسلات ليظهر الصحابة عجزة بشعور بيضاء! الإسلام منذ أول يوم هو دين الشباب، هم الذين رفعوا اللواء وضحّوا وتعذّبوا في سبيل التغيير للأفضل، لقد كان الإسلام الربيع العربي الأول.

من المؤسف أن تكون شاباً في الوطن العربي، فكلما أردت أن تتكلم في السياسة أو حتى في عادات وتقاليد المجتمع تُقابل بهجوم شرس من العجائز ذوي الشعور البيضاء، وكأنك ارتكبت جرماً، من أنت؟ طفل جاهل يتكلم بأمور أكبر من حجمه! بدري عليك، اكبر بعدها نسمعك! وكثير من قبيل هذه الكلمات، نشكر الله على مواقع الميديا الحديثة والمنصات التي تقر للشباب بحق الكلام. بالطبع نحن لا نعمم ولكن هذا الحال في غالبية البلدان.

خرج الشباب العربي للشارع فيما يعرف بالربيع العربي، هي ثورة على الأوضاع المتردية، على البطالة، على التمييز الطبقي والفساد، على حكومات مليئة بوزراء للشباب بحاجة لعصا يتكئون عليها.

من الطبيعي أن يحدث التغيير، فتلك القوانين والأنظمة ونمط العيش الذي وضع في بداية القرن العشريين لا ولن يصلح لهذا القرن.

ثورة الطباعة التي جعلت الأناجيل متوفرة لدى عامة الشعب في أوروبا تبعتها ثورة دينية كانت السبب في الحروب في القرون الوسطى.

الآلة البخارية ومن ثم اكتشاف الكهرباء تبعهما ثورة صناعية كانت السبب في الحربين العالميتين في القرن الماضي.

وها نحن أمام ثورة تكنولوجية واجتماعية وحتى دينية بكل معنى الكلمة، ولكن تلك الرؤوس التي ترعرعت على النظام القديم، ذي وتيرة التغيير البطيء والبيروقراطي المعقد تقاوم هذه الثورات الجديدة، تريد أن يعيش الشباب كما عاش الأجداد قبل مائة عام، والبعض يحنّ لما هو أقدم فيطالب الشباب أن يعيشوا كما لو أنهم في عهد الصحابة قبل ما يزيد على الألف عام!

عفواً.. انظر لما سبق ذكره عن عمر الصحابة.
بالطبع لا نستثني دور المجتمع باختلاف الأعمار، لكننا نذكر بالقوة الدافعة للتغيير، فالحمل الأثقل على كاهل الشباب.

باختصار، لن تنفع هذه المحاولات البائسة لوقف التغيير، هذه سُنة الحياة! التغيير قادم شاء مَن شاء وأبى مَن أبى. نحن جيل اللحظة وجيل المستقبل، قد نضطر للتضحية كثيراً في سبيل التغيير المنشود، ولكن اعلموا أن النصر لنا.

وأختم بكلمات الشاعر اللبناني الأخطل الصغير: نحن الشباب لنا الغد.. ومجده المخلد، لنا العراق والشام.. ومصر والبيت الحرام، نمشي على الموت الزؤام.. إلى الأمام إلى الأمام، نبني ولا نتكل.. نفنى ولا ننخذل، لنا يد والعمل.. لنا الغد والأمل، نحن الشباب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر ش تحرير الموقع.

تحميل المزيد