عندما نتحدث عن الموهبة يتبادر لأذهاننا سؤال: هل فعلاً أنا مدرك لموهبتي ولجوهرتي التي وهبني إياها ربي؟ هل حاولت أن أكتشف ملامحها؟ وأدرك ممكناتها حتى أطورها أم ما زلت أتحسس في داخلي؟
لا عليك فجدلية البحث مستمرة مع الإنسان طوال حياته، لكن الخطير هو ترك الأسئلة مفتوحة دون إجابات.
ما يهمني هنا هو أن نفرق بين الموهبة والأدوار التي تساعدني هذه الموهبة على أدائها، فمثلاً الموهبة الأدبية قد يقوم صاحبها بدور الكاتب أو الشاعر أو الروائي، فلذلك يجب أن تكتشف الموهبة أولاً، ثم تحدد جميع الأدوار الممكن القيام بها، اعتماداً على الموهبة، بعد ذلك حاول أن تستثمر لحظات البداية بتجريب كل هذه الأدوار وتجاهل فكرة الاختصاص حالياً؛ لأنه ومن الطبيعي فإن الخيارات كلما كانت أكثر زادت نسبة الدقة في الاختيار، فبعد أن تحاول وتجربها كلها ستكتشف ميولك وقدرتك وأي دور من الأدوار ستلعب.
على الهامش: يجب أن تؤمن بأن أي دور ستقوم به يجب أن تتوفر فيه الشروط الثلاثة التالية: (الرغبة، الفرصة، القدرة)، الموهبة تغطي جزء الرغبة، يتبقى الفرصة والقدرة، ترجع إلى ظروفك وبيئتك وممكناتك.
الأدوات والخبرات
من الأمور المهمة جداً أن نفرق بين الأدوات والخبرات، وذلك لأن أي مجال في العالم له جناحان؛ جناح الأدوات، وجناح الخبرات، جناح الأدوات تتم تنميته بالتدريب ومتابعة آخر الأخبار الفنية والتقنية، أما جناح الخبرات فتتم تنميته عن طريق التجريب، كلما جربت أكثر تشكلت لديك رؤيتك الخاصة، وتشكلت خريطتك المعرفية بشكل أوضح.
وسبب هذا الطرح أن من غالب الأسئلة التي تطرح قبل أي عملية تدريب سؤال: هل سأصبح محترفاً عند الانتهاء من الدورة؟
هنا يأتي الجواب بأن كل الدورات التدريبية في العالم تنمي الجناح الأيمن "الأدوات"، فأقصى ما يمكن الاستفادة منه هو تنمية هذا الجناح، وقد تصل إلى 100%، لكن يتبقى عليك تنمية الجناح الآخر حتى تتمكن من التحليق في سماء الاحتراف والنجومية بشكل سليم.
الممارسة
يقال: "القيادة لا تكتسب بالمشاهدة"، تخيل أنك تجلس بجانب مدرب لقيادة السيارات، وأصبحت تتابع طريقة قيادته، كيف يتحكم بالسيارة بهذه الخفة، عملية الانطلاق والتوقف والدوران "الموضوع ممتع وجميل أليس كذلك؟"، لكن السؤال: هل تعلمت القيادة أثناء هذه الرحلة الممتعة؟ لا أعتقد ذلك، لكن بمجرد جلوسك خلف عجلة القيادة ستبدأ الرحلة الحقيقية في التعلم، وهذا ما يحصل في غالب الدورات عندما تجلس تراقب المدرب دون ممارسة ستبقى مستمتعاً فقط!
التحليل
العلم لا ينتهي، وكل يوم هنالك معارف وابتكارات جديدة، ولا يخفى على أحد كمية التسارع الرهيب التي أحدثتها ثورة الاتصالات، فلذلك يجب أن تبقى على اطلاع على كل جديد، حاول أن تتخذ مجموعة من القدوات ومن المدربين "شبكات التواصل فتحت هذا الباب"، وذلك لسببين:
أولاً: أن تتابع أعمالهم بهدف تحليلها ودراستها ومعرفة طريق تنفيذها.
ثانياً: في المجال الفني خاصة، وكل المجالات عامة، هنالك تأثر بفكرة الموضة، فكل فترة هنالك نمط معين ومجموعة من التكنيكات والستايلات تظهر في فترة معينة ثم تختفي، وطبيعي جداً أن الأشخاص الذين اخترتهم سيكونون من السباقين، فقط لأنهم أقدم في السوق.
التعليم
لا أقصد أن تتعلم أنت، فهذا مفروغ منه، لكن ما أريده هو أن تنقل ما تعلمته للآخرين، طبيعي جداً أن الإنسان عندما يحاول أن يقنع شخصاً آخر بشيء معين فستزداد قناعته به أيضاً، وسيتمكن منه بشكل أكبر، بالإضافة إلى أن المتدربين قد يثيرون تساؤلات واستفسارات ربما لم تخطر ببالك؛ لأن عقل الإنسان بطبيعته مع الوقت يعتاد أن ينظر للأمور من زاوية معينة قد ارتاح لها.
حاول أن تعلم ما لديك لـ3 أشخاص على الأقل وستدرك بنفسك الفائدة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.