غريب ذلك المشهد الانتخابي المصري منذ ثورة 2011، فتارة تكتظ لجان الانتخابات بالمشاركين وتمتد الطوابير كيلو متراً، وتارة أخرى تصبح خاوية على عروشها، ومرات تكون النساء الصورة الأهم فيها، وأخرى يغلب عليها رقصهن أمام اللجان.
الانتخابات البرلمانية المصرية التي تجري السبت والأحد 18 و19 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، اختفى فيها الناخبون ما انعكس سلباً على مرشحي مجلس النواب الذين أنفقوا الملايين، والأحزاب وتحالفاتها، ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤيديه.
المشهد الانتخابي لم يختفِ منه الناخبون فحسب، لكن اختفت أيضاً أهم المشاهد التي ميزت الانتخابات الرئاسية السابقة والاستفتاء على دستور 2014، وهي وصلات الرقص أمام اللجان، وداخل محيط مراكز الاقتراع على أنغام موسيقى أغان وطنية وشعبية شهيرة.
القنوات الفضائية المصرية ووسائل الإعلام الإلكترونية، والشكبات الاجتماعية لم تنقل أي منها مشاهد رقص أو غناء سواء فردية أو جماعية، كما لم ترفع صور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عكس ما كان يحدث مع صور الرؤساء السابقين.
الانتخابات البرلمانية المصرية قاطعتها بشكل كبير المعارضة والقوى الشبابية والثورية، إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها السلطات المصرية، وغلب عليها ضعف الإقبال مقارنة باستحقاقات 2011 و2012 الانتخابية سواء البرلمانية، أو الرئاسية أو الدستورية.
محدش راح
ضعف الإقبال، في جميع اللجان في الـ14 محافظة التي يجري فيها التصويت ضمن المرحلة الأولى من عملية الانتخابات على مرحلتين، انعكس على حضور المرأة الذي بدا هو الآخر ضعيفاً، وغير مؤثر، عكس ما دعى إليه الرئيس المصري الذي ألح على المرأة بالنزول والمشاركة.
وقال رئيس نادي القضاة، المستشار عبد الله فتحي، في لقاء مع إحدى القنوات الفضائية "إن ضعف الإقبال على الانتخابات البرلمانية، انعكس على حجم المخالفات الانتخابية"، مضيفاً "في المجمل لا توجد أي تجاوزات أو خروقات ولا حتى ناخبون".
5 أسباب لعدم الحفاوة والرقص
وللمرأة أسبابها في العزوف عن الانتخابات، واختفاء مظاهر الاحتفال التي اعتادها الجمهور في مثل تلك المناسبات.
الغلاء، كان أحد أسباب عزوف الناخبات عن النزول وهو ما أكدته أميرة عطية "ربة منزل" حاصلة على شهادة جامعية لـ "عربي بوست" قائلة إن "غلاء الأسعار المتزايد جعلنا لا نشعر بأي تحسن في البلد، نحن بالكاد نجد الوقت للتفكير في تدبير شؤوننا الخاصة".
عدم اليقين، حيث سادت الشارع حالة من عدم اليقين في التغيير، وسط قناعة بأن الانتخابات الحالية هي "تحصيل حاصل"، وهو ما ذهبت إليه المحاسبة "ريهام متولي" التي قالت "لا أحد يصدق بجدية الانتخابات الهزلية التي تحدث الآن"، مؤكدة "نحن ننأى بأنفسنا عن المشاركة في مثل هذا الهزل".
وأضافت ريهام بأن العزوف يشمل جميع الفئات، والبرلمان هو لتجميل شكل النظام، ونتائج الانتخابات مطبوخة سلفاً، كما كان يحدث في عصر مبارك قبل ثورة يناير، ونحن نعيش في واقع أشد بؤساً من أيام قبل ثورة يناير.
سياسات النظام، فبعد نحو عام ونصف العام، يشكو المواطنون من انخفاض قيمة الجنيه، وتآكل المرتبات، وزيادة البطالة، وأعربت الطبيبة "مها فتحي" عن توقعها لحدوث الأسوأ، قائلة "لك أن تتوقع أياماً سوداء، فالدولة تأخذ منا ولا تعطينا، نحن نكافح لنعيش".
تآكل رصيد السيسي، بعد أن كان يتمتع بحب جارف من قبل بعض السيدات، وهو الأمر الذي ندمت عليه الموظفة بالحكومة "نجلاء محمد" التي أعلنت عدم ثقتها في أي رئيس أو مرشح، مؤكدة بأنها لن تنتخب أحداً بعد اليوم.
ريهام قالت "لقد انتخبت السيسي ليصلح حال البلد، ولو عاد بي الزمان لن أنتخبه، أو أنتخب غيره، فجميعهم لا يهتمون بنا".
وعود بلا تنفيذ، كما يرى مراقبون أن ترشيحات الأحزاب السياسية للمرأة دون المتوقع، ولا تمثل نسبتها الحقيقية في المجتمع، وعدم تمكينها من الوظائف والمناصب، بالإضافة إلى الجفاء الذي حدث بين المواطنين وانتخابات مجلس النواب التي تأجلت أكثر من مرة، وأحدثت نوعاً من الاسترخاء لدى الكثيرين.
وأقرت اللجنة العليا للانتخابات أن الإقبال كان ضعيفاً في اليوم الأول للمرحلة الأولى والتي تجري في 14 محافظة، ويبلغ تعداد من لهم حق التصويت في تلك المرحلة 27 مليوناً و402 ألف و353 ناخباً، يتوزعون على 103 لجان انتخابية عامة، في حين يبلغ عدد المراكز الانتخابية 5460 مركزاً.