لأول مرة يشهد الموسم الرمضاني الدرامي هذا العام 4 أعمال فنية أبطالها شخصيات مريضة نفسية.
وانبرى النقاد لتوضيح أسباب الإقبال الكبير على تناول الأمراض النفسية، والتي أرجعوها إلى الحالة الصعبة التي يمر بها المصريون، ولجاذبية شخصية المريض النفسي، كونها الأضمن نجاحا للمنتجين لأنها ليست عادية.
ولعل التسابق على موضوعات الأمراض النفسية جاء أيضاً نظرا للنجاح الكبير الذي حققته المسلسلات التي تناولتها في الموسمين الماضيين.
من هذه المسلسلات "حالة عشق "، الذي عرض الموسم الرمضاني الماضي، وجسدت به الفنانة مي عز الدين دور مريضة بانفصام الشخصية في إطار صراع نفسي بين الخير والشر.
هذا بجانب مسلسل "حكاية حياة" لغادة عبد الرازق، والذي عرض برمضان 2013 وحقق نسب مشاهدة عالية؛ جسدت عبد الرازق "حياة" المريضة نفسياً، والتي قضت العديد من الأعوام بمستشفى الأمراض العقلية.
4 مسلسلات
وتعود عبد الرازق لتقدم في موسم رمضان القادم تجربة شبيهة في مسلسل "الخانكة"، وتجسد فيه شخصية مريضة نفسية تعمل مدرّسة. تتطور الأمور حين تصطدم بأعداء يدخلونها إلى مستشفى الأمراض النفسية وتُعامل على إنها مريضة.
نيللي كريم، التي صنف مسلسلها "تحت السيطرة" في الموسم الماضي بأنه يندرج تحت مسلسلات الأمراض النفسية، تجسد هي الأخرى من خلال مسلسل "سقوط حر" هذا العام، شخصية سيدة مضطربة نفسياً، تحيلها المحكمة لمصحة عقب اتهامها بقتل زوجها وأختها.
ودخل على نفس المسار هذا العام الممثل الأردني منذر ريحانة بمسلسل "دقه قلب"، الذي يتقمص فيه أيضاً شخصية مريض نفسياً، لكن في إطار قصة حب ويعيش فترة داخل مستشفى الأمراض العقلية.
وتنضم إلى كتيبة المرضى النفسيين في رمضان المقبل الفنانة يسرا بمسلسل "فوق مستوى الشبهات"، مجسدةً شخصية امرأة تعاني عقدة نفسية، لكنها تتعامل مع المحيطين بشكل طبيعي وتخدع الكثيرين بطريقتها وأسلوبها.
بدورها اعتبرت الناقدة الفنية حنان شومان أن الحكم على أعمال لم يرها الناقد أمر صعب للغاية، فقد تتداخل القصص لكن تختلف كثراً في التفاصيل.
الحالة النفسية للمصريين
شومان أرجعت الإقبال على تناول الأمراض النفسية إلى أن حال كثير من المصريين تدهورت وكثر الحديث عن الاكتئاب، "لذلك ينجذب الكتاب لما يشغل الناس. ففي النهاية هم جزء من الشعب".
وأضافت أن شخصية المريض النفسي جذابة في الدراما والسينما عموماً، خاصةً أن الدراما تحاول إظهار ماهو ليس طبيعي، فالحياة العادية تكون خالية من الدراما، كما أنها جذابة للممثلين أيضاً فأسهل للممثل النجاح في شخصية المريض النفسي أو المجنون عن النجاح بتقديم شخصية عادية أو طبيعية.
أدوار جذابة
واتفق الناقد الفني طارق الشناوي مع شومان في أن الشخصية المريضة نفسياً جذابة جداً منذ أمد بعيد، لكنه اختلف معها في صعوبة تقديمها.
وبحسب الشناوي، فإن تقمص شخصية المرضى النفسيين في الدراما يبدو ظاهرياً سهلاً، "لكن الحقيقة صعبة.. ينجذب الممثلون إليها لكونها شخصية مختلفة ولها تكوين غير معتاد، فالممثل لو لم يستطع ضبط جرعة الأداء سيقع في فخ المبالغة التي تدمر المصداقية".
ورأى أن العديد من الممثلين يؤدون شخصية المريض النفسي، لكن المبدعين قلائل، وتوقع ألا تقع نيللي كريم في المبالغة لموهبتها الكبيرة ولأن من يخرج لها المسلسل شوقي الماجري.
واعتبر الشناوي أن الأهم عدم تنميط الشخصيات وأن يكون هناك أطباء نفسيون مسؤولون عن الخطوط الدرامية لمثل هذه الأعمال لتناول الأمراض وسبل علاجها بشكل صحيح، كاشفاً أن مسلسل " تحت السيطرة" أشرف عليه أطباء.
الضغط النفسي
أستاذ الطب النفسي د. أحمد عبد الله، رأى من جانبه أن الإقبال الكبير على مسلسلات الأمراض النفسية من جانب الجمهور يعد مؤشراً على شعور المصريين بالضغط النفسي.
وذكر أن المرض النفسي جذاب للدراما منذ أمد بعيد، فيغيب فترات ومن ثم يعود صناع الدراما له، ولكن زاد الإقبال عليه هذه الفترة لشعور المصريين بالتأزم والارتباك وبعض الأمراض النفسية.
أخطاء علمية
د. عبد الله قال إن العديد من الأعمال الفنية التي تتناول المرض النفسي تقع في أخطاء علمية كبيرة، معتبراً وجود مشرفين متخصصين على هذه الأعمال يتوقف على الدور الذي تلعبه الدراما.
وختم، "لو كان دور الدراما التسلية واللعب، فنأخذ الأمر ببساطة فالعمل الفني ليس رسالة علمية تحتاج التدقيق، إما إن نظرنا للدراما على إنها وسيلة للتوعية، فيختلف الكلام وتحتاج الأعمال عندها لمشرفين".