لا يمر يوم تقريباً إلا ويثار جدلٌ في مقر العمل حول درجة حرارة المكيف بالمكتب، فهناك من يرى أنه مرتفع، فيما يرى آخر أنه ضعيف، وعليه يجب خفض درجة الحرارة.
وحول هذا الجدل، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى دراسة نشرتها Natural Climate Change Journal، تقول إن "نموذج الارتياح الحراري" التقليدي، الذي يستخدم لتحديد درجات الحرارة الأمثل في المباني الجديدة، وُضع على أساس متوسط معدل الأيض لدى الرجال وليس النساء.
وتم تطوير هذه المعادلة في عام 1960، من خلال تحديد درجة الحرارة الأمثل بناءً على عدة عوامل، مثل: درجة حرارة الهواء، وسرعة الهواء، وضغط البخار، وعزل الملابس، إضافة إلى متوسط معدل الأيض.
غير أن الباحثين الهولنديين الذين أجروا الدراسة، وجدوا أن متوسط معدل الأيض عند المرأة، أقل بنحو 20 إلى 32% عن المعدلات المستخدمة في نموذج الارتياح الحراري.
ففي حين تُبقِي ملابس الصيف الخفيفة حرارة النساء باردةً في الخارج، فإن هذا يعني أن الفرق بين حرارة أجسامهن وحرارة الهواء كبيرة، فعندما تدخل المرأة إلى مكتب ذي تكييف فائق، فإنها ستشعر كأنها تخطو داخل القطب الشمالي.
حلول ذكية لتعديل درجة حرارة المكيف في المكتب
يقترح الباحثون تغيير المعادلة القديمة بما أن كثيراً من المكاتب اعتمدت عليها في أنظمة التبريد والتدفئة، إلا أن إعادة إنشاء نظام تبريد وتدفئة ستكون مكلفة.
حل آخر، وهو التكنولوجيا المتاحة على الإنترنت، حيث توجد بعض الشركات الناشئة، مثل Building Robotics التي ابتكرت تطبيقات مثل "Comfy" و " 75f" أو 75 فهرنهايت أي 23.8 مئوية، والتي تعمل على تعطيل عمل أجهزة التدفئة والتبريد بشكل جزئي، من خلال جعل الترموستات أكثر ذكاءً، حيث تُستَخدم خوارزميات معينة لإنشاء نظام تبريد وتدفئة مخصوص.
ويسمح تطبيق "75f" بضبط درجات الحرارة في المكاتب بشكل منفصل في كل غرفة، وتركز الشركة على المساحات المكتبية الأقل من 2300 متر مربع.
يقول المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"75F" ديبيندر سينغ، إن فكرة "75F" جاءت في عام 2007، بعد بكاء ابنته الرضيعة في الليل بسبب برودة الجو، في حين كانت درجة الحرارة جيدة بالنسبة لسينغ وزوجته، فترموستات المنزل لم تسمح لسينغ حينها بالتحكم في درجات حرارة الغرف بشكل منفصل.
وفقاً لسينغ، فإن "75F" يقوم بتوفير نظام تبريد وتدفئة يناسب الجميع، من خلال تثبيت وحدات تحكم فردية في كل مساحة مكتبية لمراقبة الحرارة، ويقوم نظام موازنة تدفق الهواء الخاص بــ"75F" باستخدام تحكم مركزي يقوم بتجميع البيانات، سواء كانت تتعلق بدرجة الحرارة الموجودة في المكتب، أو بتوقعات الطقس، لإنشاء خوارزمية بإمكانها تبديل درجة الحرارة في مكتب أو منطقة معينة طوال اليوم.
وأخيراً، لا يتفق شخصان حول درجة حرارة مثالية واحدة للمكتب، وبما أن كلاً من الحرارة أو البرودة الشديدة تؤثر على إنتاجية الموظفين، فإن أجهزة التبريد والتدفئة المعدلة، من الممكن أن تمثل ورقة رابحة لصاحب العمل.
نصائح الخبراء
بدورها، تقدم الجمعية الأمريكية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء (ASHRAE) توصية أساسية بشأن درجات الحرارة المريحة في بيئة مكتبية: بالنسبة لأولئك الموظفين الذين يرتدون ما يعتبر متوسط كمية الملابس، لا تحتاج البيئة إلى الشعور بالبرودة الشديدة.
وتنصح بوضع ضوابط لدرجة الحرارة، يجب أن تكون في نطاق 20 إلى 24 درجة مئوية والتحكم في الرطوبة في نطاق 20%-60%.
كما تشير إلى أن ظروف درجة الحرارة والرطوبة في المكتب مسألة راحة بشرية وليست مخاطر قد تسبب الوفاة أو الأذى الجسدي الخطير.
وعلى الرغم من عدم وجود قوانين مكتوبة تحكم تكييف الهواء الداخلي والدرجة المثالية، فإن التوصل إلى اتفاق بين الموظفين حول إعدادات الحرارة المثالية للمكتب لن يوفر المال فحسب، بل يعزز الروح المعنوية والإنتاجية لفريق العمل.