ربما هي حالة فتور تصيب الشخص الخاضع للعلاج النفسي، ربما أيضاً تكون نقطة يصل إليها الشخص والطبيب في نفس ذات الوقت!
يأتي على الحالة أو العميل -كما يتداول الأطباء اسمه- فترة لا يريد استكمال علاجه، أو أنّه لا يريد البوح بكلمة واحدة أخرى مع طبيبه، وربما يرى أنه وصل لمستوى لا يحتاج لمساعدة، وأنه قادر على مساعدة نفسه بنفسه.. ربما.
* كل ما يطرأ على تفكير الشخص في هذا الأمر بالتحديد لا بد أن يناقشه مع طبيبه، وأن يصلا لقرار يصبُّ في مصلحة المريض.
كانت تلك الفترة هي أسوأ الفترات التي مرّت عليَّ، لا لكونها أمراً عارضاً؛ بل لكونها غير واضحة المعالم بالنسبة إليّ.
بعد معاناة تحملتها في أخذ قرار أن أبوح ما بداخلي، وأن أتحدث في أمور شخصية -وهو من الأمور المستحيلة عليَّ والتي أرفض رفضاً تاماً أن أفعلها- عدت لتلك النقطة مرة أخرى.
أُخفي ما بداخلي، لا أتحدث في أموري الشخصية، مارست الأمر الذي أُجيده وهو أن أبعد الحوار الدائر عني تماماً.
– الحقيقة أن طبيبي كان يحترم هذا الأمر فيّ، فكان لا يضغط عليَّ فيه، وربما من ذكائه أو حيلة منه كي أعرض من نفسي عن موقفي الذي رجعت إليه.
ولكن ربما طال الأمر عليه وعليَّ، فكان هو من بدأ باقتراحه، إذا ما كنت قد وصلت معه لنقطة لا أريد البوح في شيء لشخصه فالأفضل أن أغير المعالج، وكان صريحاً معي في ذلك.
ولكن المشكلة لم تكن في الطبيب، بل فيّ أنا.
كانت شبه الانتكاسات العارضة التي جعلتني أنغلق على نفسي مرة أخرى ويجعل من العسير على أحد الولوج لي.. كما حدث مع طبيبي الأول.
ما خفف من حدة الأمر في تلك المرة أنه كان أشبه بالقرار بيني وبين نفسي أن أترك الانغلاق على نفسي، وأن أجرب المرونة بعض الشيء، الأمر له صعوبته، وأيضاً حلاوته.
القرار.. وهو الأمر الذي ينبني عليه تلك العلاقة، سواء قرار الخضوع لجلسات العلاج النفسي، أو قرار التغيير من النفس، أو قرار مشاركة الأمر بين العميل والطبيب، وأيضاً قرار قبول الشخص لحالته بعد معرفته بها.
————
في الطب النفسي لم يكن لحالتي تشخيص، هي فقط بعض المشكلات التي واجهتها ولجأت لبعض المساعدة من متخصص.. الحمد لله أولاً وآخراً، وكان هذا أيضاً عليَّ القبول به.
والأمر الذي بتُّ أعمل عليه، كيف أواجه مشكلاتي بنفسي وبأريحية لا تضغط على أعصابي ونفسيتي وصحتي أيضاً؟ التي اكتشفت أنها مع ازدياد المشكلات والضغوط تزداد هي الأخرى سوءاً وقد تجعلني طريحة الفراش لعدة أيام لا أستطيع الحراك.
كان قراري في تلك الحالة أن أغيّر من نفسي تماماً، أن أقبل بالمشكلات كما قطعة سكاكر أتركها في فمي حتى تذوب وتتلاشى، أن الحياة بها من الفرح والسعادة كما الحزن والألم.. بها مساحات واسعة وأيضاً ضيقة.
******
– انت لازم تاخدي دواء علشان تتابعي مع دكتور نفسي؟
– أنا مش باخد دواء أصلاً!
—————–
ويبقى السؤال الذي يعتبره الكثير الكثير هو أهم جزء في حوار يدور حول العلاج النفسي، وهو عن الدواء وجرعاته وهل هو من الضروري أم لا؟ وما مدى أهميته؟ ومدى تأثيره؟
ربما في المرة المقبلة أتناول كيف جعلتُ من المشكلات قطعة سكاكر أتعامل معها دون جرعات الدواء التي سألتني عليها صديقتي التي اندهشت أنني لا أتناوله.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.