الأردن.. الحنكة والصلابة

من الموقع الاستراتيجي للمملكة الأردنية الهاشمية شمال الجزيرة العربية ووسط منطقة الشام وعمق الشرق الأوسط وما لها من أهمية - تلك المملكة - حضارياً وتاريخياً والشواهد التي لا تزال قابعة، تحكي قصصاً عن أولئك الناس الذين مروا وسكنوا وعمّروا تلك الديار التي ورد بعضها في النصوص المقدسة ومنها نهر الأردن

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/07 الساعة 00:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/07 الساعة 00:59 بتوقيت غرينتش

من الموقع الاستراتيجي للمملكة الأردنية الهاشمية شمال الجزيرة العربية ووسط منطقة الشام وعمق الشرق الأوسط وما لها من أهمية – تلك المملكة – حضارياً وتاريخياً والشواهد التي لا تزال قابعة، تحكي قصصاً عن أولئك الناس الذين مروا وسكنوا وعمّروا تلك الديار التي ورد بعضها في النصوص المقدسة ومنها نهر الأردن الذي يصب منه منطقة تسمى المغطس لدى المسيحيين ويكون فيه قداس التعميد، وجبل نيبو الذي يعتقد أن موسى النبي وقف عليه، ومادبا التي يوجد بها أقدم خريطة للأرض المقدسة وغيرها من الأماكن والأضرحة والمقامات لعدد من صحابة محمد النبي.

من تلك الحضارة التاريخية والأهمية، نجد أن الشام عموماً والمملكة الأردنية الهاشمية، بأسمائها القديمة والحديثة، قد تعاقب عليها عدد من الحكام إلى عهد الملك حسين بن طلال الذي عقد بمملكته سلاماً مع الاحتلال الإسرائيلي بمعاهدة وادي عربة 1994م، وأعلن بذلك – كما قال رئيس مجلس الوزراء الأردني آنذاك عبد السلام المجالي – عن "نهاية عصر الحروب" والعداء مع إسرائيل.

ومن المكان الجغرافي للمملكة الأردنية الهاشمية الآن، بعد أن أصبحت من جهة غربها معاهدة للسلام مع إسرائيل، وآمنة حدودها، ويفد إليها ومن فلسطين السائحون والبضائع، كذلك من جنوبها وجنوب شرقها آمنة بشقيقتها المملكة العربية السعودية، ومن جهة الشرق العراق ومن الشمال سوريا – تلك الدولتان اللتان لا تزال حالة الاضطراب فيهما مستمرة؛ بل ويصل إلى أن الحدود مع تلك الدولتين في تخوف مستمر نظير ما يحصل في الداخل بالعراق وسوريا، من اقتتال بين أبناء الدولة الواحدة والافتراق إلى شيع وأحزاب، وأشنع من ذلك ميليشيات وتنظيمات تقتل وتقحم الدين معها.

فداخل هاتين الدولتين مستعر من جراء القتال والتهجير المستمر، وقوافل اللاجئين لا حد لها، ومع كل تلك المعطيات الواقعية من نار "داعش" وأخواتها، واضطرابهم بالعراق وسوريا في هذا الملف الأمني المهم جداً والملف الآخر وهو ملف اللاجئين الذي فيه عدة تفريعات مهمة، حينها تكمن الحنكة السياسية للملك عبد الله الثاني بن الحسين في حماية شعبه ومملكته مما يحيط بها جهة دول الاضطراب بجيشه القوي لحماية حدوده وأمنه الداخلي للحماية من الفتن التي تُحاك ضد المملكة، وفي الوقت ذاته مرحباً بالأشقاء والإخوة ممن غادروا بلادهم قسراً إلى وطنهم الثاني الأردن.

فشخصيةٌ مثل الملك عبد الله الثاني بن الحسين، استطاع أن يحمي بلده من الشرور ومن الفتن، جامعاً شعبه تحت قيادة عادلة متحدين تجمعهم الأخوة والوطن ليكون التلاحم بين القيادة والشعب، متماسكاً دائماً ومتيناً.

ويظهر نسيج فريد من نوعه ومثَل يقتدى به في العالم؛ من تنوع عرقي وديني بين الأردنيين؛ لم يقصَ أحد عن الآخر، ولم تلغَ أعراق أو أديان من الوجود الأردني؛ بل بعيدون كل البعد عن ما يعكر صفو تلك التفرقة أو العصبية أو التطرف من عرق أو دين أو طائفة، فبقي الشركسي على عرقه وبقي المسيحي على ديانته.

لا شيء يلغى من المملكة الأردنية الهاشمية، كيف ودستورها قد كفل ذلك الحق؛ بل ودعمه، وبدا ذلك جلياً حينما يأتي من هو غير الأردني إلى ديارهم ويرى تلك الأخوّة الأردنية فيما بينهم هي التي تجمعهم ولا تفرقهم؛ بل لا يتطرق إلى أحاديث شقاق يخلّ بصف الأردنيين وخصوصيتهم الفريدة التعايشية، فكأن ذلك الأردن كتاب تاريخي حضاري مفتوح يتجول بك ما بين عهود أنبياء، إلى رومان، وبيزنطيين، إلى عثمانيين، إلى الرعاية الهاشمية التي رعت واهتمت بذلك التاريخ وواصلت على المحافظة عليه.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد