اشتهر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 الذي أوصله للسلطة في يونيو/ حزيران 2014 بتأثيره الخاص على النساء، حيث استدعاهم أكثر من مرة لتأييد قراراته المثيرة للجدل.
استجابة النساء كانت طاغية في البداية، ولكنها بدأت في التراجع تدريجياً خاصة بعد الانتقادات الشديدة التي وُجهت لبعض الممارسات أمام لجان الاقتراع.
عاد السيسي لاستدعاء النساء عشية انتخابات برلمانية باتت محل انتقادات ودعوات للمقاطعة، مطالباً المرأة بالمشاركة، وداعياً الشباب إلى النزول.. فهل ينقذه هؤلاء في وقتٍ يرى فيه بعض مؤيديه أن حجم المشاركة لن يزيد بحال على 30%.
السيسي يدعو للمشاركة
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا المصريين في خطاب متلفز، السبت 17 أكتوبر/تشرين الأول 2015، "للاحتشاد بقوة أمام لجان الاقتراع" وذلك عشية بدء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية.
وقال: "أدعو جميع المصريين للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة مرة أخرى لتنفيذ استحقاقنا الأخير".
وأضاف "احتشدوا من أجل الوطن، واحتفلوا باختيار ممثليكم، وأحسنوا اختيارهم، اصطفوا أمام لجان الانتخابات وازرعوا بأصواتكم الأمل في غدٍ مشـرق".
ودعا السيسي الشباب الى أن "يكون في طليعة يوم الاقتراع"، مضيفاً: "أنتظر من شباب مصر أن يكون هو المحرك الأساسي لهذا العرس الديمقراطي".
كما شجع المرأة المصرية التي وصفها بـ"أيقونة العمل الوطني ورمز التضحية من أجل الوطن" على "النزول للتصويت".
وتأمل الحكومة المصرية بأن تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة، خاصة أن آخر انتخابات برلمانية والتي فاز فيها الإسلاميون بأغلبية حققت نسبة مشاركة 54.9% من أصوات الناخبين المسجلين.
حلفاء الأمس يدعون للمقاطعة
يأتي هذا فيما تصاعدت دعوات المعارضة لمقاطعة الانتخابات، وانضمت إليها فصائل سياسية مثّلت الداعم الأكبر لعبدالفتاح السيسي في الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي.
إذ أرجع السفير معصوم مرزوق، أحد مؤسسي التيار الشعبي الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، السبب في الدعوة لمقاطعة الانتخابات إلى سوء المُناخ السياسي الحالي، مشيراً في تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" إلى أن الانتخابات "محسومة للمال السياسي ورجال مبارك".
ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية تدخلت بشكل مباشر في إعداد القوائم الانتخابية والمشاركين بها لتشكل ظهيراً سياسياً للدولة.
أما حزب "مصر القوية" الذي يتزعمه د. عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسي السابق، فقد أرجع أسبابَ دعوته للمقاطعة إلى تدخل الأجهزة الأمنية وكافة مؤسسات الدولة في العملية الانتخابية.
وشدد على أن "مقاطعة الانتخابات باتت فرض عين؛ لأن المشاركة بها تعني أننا نلعب دوراً من الأدوار المهرجة على مسرح النظام".
الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، الذي كان أحد المؤيدين لخارطة الطريق التي وضعت بعد الاطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، قال "إن ترهيب الناس للنزول والمشاركة في الانتخابات حتى لا يعود الإخوان، يوضح أن المشروع السياسي للنظام فشل وأنه لا يوجد مشروع ناجح يسوّقه".
وأضاف في تصريحات صحفية أن السيسي دائماً ما يقول إنه لا عودة لما قبل 25 يناير، ولكني لديّ تشكك في ذلك، وبدأت أشعر بأنه يمكن العودة".
انتخابات وهمية
وكان معارضون سياسيون بارزون في الخارج قد دعوا، الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول 2015، في رسالة بعثوا بها للشعب المصري، لمقاطعة الانتخابات.
وانتقدوا ما وصفوها بـ"السلطة القمعية الفاشلة" التي تُدير البلاد، وتجر الشعب الى انتخابات وهمية لا قيمة لها، معلومة النتائج، على حد وصفهم.
وقع على الرسالة 3 وزراء سابقين هم: محمد محسوب، وعمرو دراج، ويحيى حامد، كما وقعها عدد من السياسيين، ونواب البرلمان السابق، من بينهم حاتم عزام وأيمن نور وسيف عبدالفتاح وطارق الزمر.
أما "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" فقد دعا في بيان له أنصاره لمقاطعة الانتخابات، والتظاهر في أسبوع ثوري جديد تحت شعار "قاوموا برلمان الدم".
إقبال 30%
وداخل معسكر السيسي نفسه هناك حالة من الإحباط، كما أن توقعات المراقبين تشير إلى أن الانتخابات ستشهد إقبالاً ضعيفاً من الناخبين.
حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وأحد المؤيدين للسيسي، توقع "ألا تزيد نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة على 25 إلى 30%، نظراً لاعتبارات كثيرة أبرزها أن نسبة كبيرة من المواطنين ترى أن الذهاب للصناديق لن يغير شيئاً، بجانب سيطرة فلول الحزب الوطني المنحل والمال السياسي عليها".
وأوضح نافعة لوكالة الأناضول أنه في حالة ثبوت توقعاته بعدم الإقبال الشعبي على الانتخابات "لن يكون بسبب رسالة قوى المعارضة المصرية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين للشعب ودعوته للمقاطعة".
وتوقع أستاذ علم النفس الاجتماعي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، سعيد صادق، انخفاض نسبة المشاركة بالانتخابات بسبب ما حدث من تأجيل لها في السابق، إضافة إلى حالة الملل التي تسيطر على المصريين بسبب كثرة الاستحقاقات الانتخابية.
تخوفات من ضعف المشاركة
عدد من الإعلاميين الموالين للسيسي أبدوا عشية الجولة الأولى للانتخابات تخوفهم من ضعف المشاركة.
إذ ذهب عبد الحليم قنديل وإبراهيم عيسى وعمار علي حسن إلى التأكيد على فتور المشاركة المرتقبة مؤكدين بحسب موقع عربي 21 أن قطاعا عريضا من المصريين سوف يقاطعون المشاركة في هذه الانتخابات، وأن البرلمان المقبل لن يمثل سوى نسبة تتراوح بين 2% و10% من المصريين.
كما سخروا من دعوة السيسي التي أطلقها في وقت مبكر اليوم للحشد والمشاركة، لافتين إلى أن البرلمان المقبل سيكون برلمان فلول وثورة مضادة.
تحالفات رجال مبارك
وتقول أحزاب سياسية ونشطاء إن الانتخابات الحالية لا تقدم أي اختيارات.
وتنتقد هذه الأحزاب الحرص على تغليب النظام الفردي على نظام القوائم، وترى أنه رِدّة لسياسات مبارك التي كانت تفضل المرشحين الأثرياء وأصحاب النفوذ العائلي على الأحزاب.
ورغم حل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يتزعمه مبارك فقد عمل أعضاؤه السابقون على مدى عام على تكوين تحالفات لضمان تشكيل كتلة كبيرة داخل البرلمان.
وتجرى المرحلة الأولى من الانتخابات يومي السبت والأحد الموافقين 17 و18 أكتوبر 2015، وفي حالة الإعادة فستجرى يومي الإثنين والثلاثاء الموافقين 26 و27 أكتوبر.
وتقام المرحلة الثانية من الانتخابات التي تتضمن 13 محافظة أخرى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
يُذكر أن مصر بلا برلمان منذ عام 2012، عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد بعد الإطاحة بحسني مبارك في ثورة شعبية عام 2011، قراراً بحل مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية تنفيذاً لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخاب المجلس.