طالب وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع طارئ في القاهرة فجر الأحد 10 ديسمبر/كانون الأول 2017 الولايات المتحدة بإلغاء قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما دعا وزير خارجية لبنان إلى ضرورة توقيع عقوبات اقتصادية على واشنطن.
وقال الوزراء في بيان حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه إن "هذا التحول في سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه القدس هو تطور خطير وضعت به الولايات المتحدة نفسها في موقع الانحياز للاحتلال وخرق القوانين والقرارات الدولية، وبالتالي فإنها عزلت نفسها كراع ووسيط في عملية السلام".
قرار باطل
وأكد الوزراء العرب على "مطالبة الولايات المتحدة بإلغاء قرارها حول القدس"، مشددين على أن هذا القرار "باطل" و"لا أثر قانونياً له" ويقوّض جهود تحقيق السلام ويعمّق التوتر ويفجّر الغضب ويهدّد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء وعدم الاستقرار".
وأكد البيان على أن القرار الأميركي "مدان" و"مرفوض"، مشيراً إلى أن الدول العربية ستعمل على "استصدار قرار من مجلس الأمن يؤكد أن قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية وأن لا أثر قانونياً لهذا القرار".
وأضاف أن الوزراء قرروا "دعوة جميع الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
كما لفت البيان إلى أن الدول العربية ستطلب "استئناف الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص".
وقرر الوزراء إبقاء مجلس الجامعة في حالة انعقاد والاجتماع مجدداً في غضون شهر على الأكثر لتقييم الوضع و"التوافق على خطوات مستقبلية في ضوء المستجدات، بما في ذلك عقد قمة استثنائية عربية" في الأردن، الرئيسة الدورية حالياً للقمة العربية.
لبنان يصعّد
وصعد وزير خارجية لبنان جبران من لهجته وطالب الدول العربية بضرورة النظر في فرض عقوبات اقتصادية على الولايات المتحدة لمنعها من نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس.
وقال باسيل إنه يجب اتخاذ إجراءات ضد القرار الأميركي "بدءاً من الإجراءات الدبلوماسية ومروراً بالتدابير السياسية ووصولاً إلى العقوبات الاقتصادية والمالية".
وقوبلت كلمة الوزير اللبناني باستحسان أعضاء الوفود والصحفيين العرب الذين كانوا يغطون الاجتماع. وجاء فيها أيضاً "أنا هنا أقف أمامكم وأدعوكم لمصالحة عربية عربية سبيلاً وحيداً لخلاص هذه الأمة واستعادة لذاتها وأن ندعو من أجل ذلك إلى قمة عربية طارئة عنوانها القدس".
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير "حكومة بلادي تدعو من هذا المنبر الإدارة الأميركية بالتراجع عن قرارها وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة".
وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني "لقد وضع القرار الأميركي علاقة الولايات المتحدة بالأمة الإسلامية على المحك" مضيفاً "ندعو الإدارة الأميركية إلى مراجعة قرارها والعدول عنه".
وحذر الوزراء من عواقب خطيرة للقرار الأميركي. وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة "القرار الأميركي يعد تحولاً خطيراً وتجاوزاً مرفوضاً وتقويضاً لعملية السلام.. وينقل المنطقة لصراع ديني مجهول المعالم".
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري "القرار جرس إنذار أخير للمجتمع الدولي والعربي والإسلامي بأن (هذا) الوضع الملتهب يضع المنطقة بأسرها على حافة الانفجار".
دعوة لزيارة القدس
وكان محمود علي يوسف وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة جيبوتي ورئيس مجلس وزراء الخارجية العرب قد افتتح الاجتماع واصفاً القرار الأميركي بأنه "خطوة في غاية الخطورة ويقوض مساعي السلام ويهدد استقرار المنطقة" مطالباً بتحرك عربي قوي في الفترة القادمة أساسه "البناء على الرفض الدولي للقرار الأميركي".
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته إن القرار "يقوض الثقة العربية في الطرف الأميركي" مطالباً بتحرك عربي على الساحة العالمية للحصول على اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية.
وحذر من أن القرار "سيطلق يد الاحتلال الغاشمة أكثر ويعطي نشاطاته الاستيطانية زخماً أكبر".
ودعا إلى عقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب السلطة الوطنية الفلسطينية والأردن.
وكان رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني أول المتحدثين في الاجتماع وقال "لن يكون هناك سلام بدون قيام دولة فلسطينية ولن تقوم الدولة الفلسطينية دون أن تكون القدس الشرقية عاصمتها".
ودعا العرب والمسلمين إلى زيارة القدس تعزيزاً لهويتها العربية والإسلامية قائلاً إن الزيارة تكون عبر المؤسسات الرسمية الفلسطينية.
وفي نفس الوقت قال محذراً "تصب هذه الخطوة (الأميركية) في خانة الجماعات المتطرفة".
واعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء بالقدس عاصمة للدولة العبرية ما أثار غضب الفلسطينيين والمجتمع الدولي.
وبينما لاقى قرار ترامب ترحيباً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإنه أثار تنديداً دولياً.
وأصرت خمس دول أوروبية في مجلس الأمن على أن السياسة الأميركية الجديدة غير منسجمة مع القرارات الأممية، وأكدت أن القدس الشرقية أرض محتلة.
وكان ثمانية من أعضاء المجلس الـ15 طلبوا عقد الاجتماع الطارئ من دون نية للتصويت على أي قرار كون الولايات المتحدة تملك حق الفيتو.
من جهته، أصر ترامب على أن خطوته التي كانت أحد وعوده الانتخابية تمثل بداية "نهج جديد" لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها، في حين يطالب الفلسطينيون بان تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
ويعد وضع القدس بين أكثر المسائل حساسية في النزاع المستمر منذ عقود.