عدو البلد “Enemy of the State”

الفكرة الرئيسية للفيلم تتلخص في أن أحد أجهزة الأمن القومي الأميركية قام باغتيال أحد أعضاء الكونغرس من المعارضين لسياسة ما للدولة، حفاظاً على مكاسب ومكتسبات مترسخة منذ عقود لصالح فئات رأسمالية بالمجتمع الأميركي، وترسخت لدرجة التجذر، أي يصعب اقتلاعها دون هدم بنية المجتمع جميعه.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/27 الساعة 00:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/27 الساعة 00:29 بتوقيت غرينتش

عفواً لا أقصد شخصاً بعينه، بل هو عنوان فيلم أميركي أنتج عام 1998، بطولة النجم الأميركي الأسمر "ويل سميث & جين هاكمان Will Smith and Gene Hackman"، وقصته تحمل طابع إثارة وتشويق، الفيلم يصلح لكل زمان ومكان، رغم أنه يعبر عن مشكلة رآها المخرج والممثلون، تهز ثقة المجتمع بالحكومة الأميركية.

الفكرة الرئيسية للفيلم تتلخص في أن أحد أجهزة الأمن القومي الأميركية قام باغتيال أحد أعضاء الكونغرس من المعارضين لسياسة ما للدولة، حفاظاً على مكاسب ومكتسبات مترسخة منذ عقود لصالح فئات رأسمالية بالمجتمع الأميركي، وترسخت لدرجة التجذر، أي يصعب اقتلاعها دون هدم بنية المجتمع جميعه.

إلى هنا والفكرة عادية، وتحدث بكل المجتمعات المعاصرة، النامية منها والمتقدمة، لكن المثير للدهشة في الفيلم، أن البطل كان يعمل محامياً لقضايا عمالية، لكنه تعثّر صدفة بقضية مقتل عضو الكونغرس.

وهنا انقلبت الدنيا بأسرها، وفوجئ البطل بمعاداة أمنية كبيرة وتعقب واسع النطاق وتفتيش في سيرة حياته منذ النشأة، ثم ليّ عنق بعض الحقائق وإحالتها لباطل، وتلفيق الكثير من القضايا، بعضها ذو شق جنائي، والأشد غرابة أن كافة وسائل الإعلام المنطوقة والمرئية والمطبوعة شنت عليه بدورها حملة هوجاء.

وقام الإعلام بدور كبير وجهد وافر في شيطنة الرجل وتحويله لعدو كبير يتربص بالبلد كله، وقلّبت عليه الرأي العام بصورة تجعلك كمشاهد من أبناء دولة من دول العالم الثالث بعد المائة تتصور أنك تشاهد فضائيات وجرائد الدولة الرسمية، أو أن حوادث الفيلم تقع في الشارع المجاور في مدينتك، ويُخيّل للمشاهد أن أحداث الفيلم تدور في بلد نامٍ أو بالتحديد شرق أوسطي. فصور الفساد متشابهة، وتسلط أو تغول الأمن قائم كأنهم نسخ ضوئية لا يمكن تمييزهم عن أقرانهم ونظرائهم ببلداننا، ويلجأون لنفس الأساليب من تلفيق الاتهامات وتشويه السمعة، وصولاً للتنكيل بالخصوم الضعفاء ونهاية بتصفيتهم إن استلزم الأمر.

فذات المنهج، وإن تغيّرت الوجوه، ونفس الأسلوب القذر في التعامل مع الخصوم، حتى تُجزم بالنهاية أن استراتيجيات الإعلام الموّجه واحدة لا تمييز بينها، وإن تخفّت أحياناً وراء شكل ديمقراطي ليبرالي.

وبعيداً عن عوامل التشويق والإثارة، إلا أن الفيلم يضعنا في مأزق كبير، معضلة فكرية تتعلق بالشكل البرّاق للديمقراطيات الغربية، وحدود العلاقة بين المواطن والسلطة، ولعل الفيلم بأبطاله وصُنّاعه لم يغالوا كثيراً في شطط الدولة وتغولها على الحقوق والحريات، ويبدو أنهم ومنذ وقت طويل قد حذّروا ونبّهوا الجميع إلى أن بريق ولمعان القيم الديمقراطية يُخفيان وحشية لا يتخيلها عقل، ولتصدق في النهاية مقولة: "إن للديمقراطية أنياباً، يمكن اللجوء إليها عند الضرورة".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد