رغم تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة للدور الذي لعبه المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب في تهييج المجتمع الأميركي ضد المسلمين، لكن هناك الكثير من الملامح الإنسانية والمواقف النبيلة، رغم بساطتها، التي تعكس رغبة الكثير من الأميركيين في التواصل مع المسلمين وبناء جسور الألفة والمحبة كمجتمع إنساني بعيداً عن المشاكل السياسية.
بوب فلادمان، صاحب محل حلويات في مدينة إلينوى في أميركا، رغم بساطة موقفه في التبرع ببعض الحلويات للمسجد، لكنه عكس صورة جميلة عن أهمية التعايش بين الأديان ضمن المجتمع الواحد.
شكراً للمجتمع المسلم الأميركي
يقول الشيخ كفاح مصطفى، إمام ومدير مسجد أورلاند بارك في مدينة إلينوي بولاية شيكاغو، وهو المسجد الذي شهد عملية التبرع هذه، إن شيكاغو تضم حوالي 400 ألف نسمة، أغلبهم من أصحاب البشرة السمراء، وهناك أيضاً هنود وباكستانيين، بالإضافة إلى أبناء المجتمع العربي.
يسكن أغلب الأميركيين من أصول عربية في الجنوب الغربي من شيكاغو، ومنها ضاحية أورلاند بارك، حيث يوجد المسجد، وفي هذه المنطقة توجد محلات حلويات تسمى "Nothing Bundt Cakes" الشهيرة في الولايات المتحدة الأميركية.
ويلاحظ صاحب المحل إقبال المسلمين العرب على الشراء من محله في شهر رمضان، وعندما سأل الزبائن عن سبب زيادة الشراء، أخبروه أنه بمناسبة شهر رمضان المبارك.
فلادمان أحب أن يشكر أبناء المجتمع المسلم على ما قدموه له من دعم في هذا الشهر الفضيل.
400 قطعة حلويات
يقول الشيخ كفاح إنه عندما اتصل به فلادمان، وأراد أن يهدي الحلويات للمسجد، "قلت له إنك جئت في الوقت المناسب، لأنه كان لدينا في ذلك اليوم فعاليات ونشاط للشباب". ولهذا تم تقديم الحلويات للشباب المسلمين في يوم فعاليتهم بالمسجد وكانت 400 قطعة حلويات.
ويضيف أنه "بعد أن وضعنا صور عما قدمه فلادمان لمسجدنا على فيسبوك، قام الكثير من أبناء الجالية بالتوجه لمحله، وشكره على هذا الموقف"، هذا الأمر تسبب في زيادة معدلات الشراء من محله.
عكس توجه ترامب
ويقول الشيخ كفاح إنه على الرغم من إثارة النعرات الدينية ضد المسلمين الأميركيين، لكن الكثير من أبناء المجتمع الأميركي يرفض ذلك، بل ويقوم بمبادرات تعكس نوايا طيبة تجاه المسلمين، ومنها هذا الموقف الذي قام به صاحب محل الحلويات.
أردت أن أشكر المجتمع المسلم الأميركي
بوب فلادمان قال لـ"عربي بوست"، إن الكثير من المسلمين يأتون للشراء من محلي وأردت ان اقدم لهم بعض الشكر والتقدير خاصة في شهر رمضان.
وأضاف فلادمان إن أغلب ما يتم طرحه في الإعلام يحمل أخباراً سلبية وانطباعات غير جيد عن المسلمين، لكن "في الحقيقة الكثير من أبناء المجتمع المسلم في أميركا هم أناس رائعون، ومن خلال عملي وخبرتي في التعامل مع المسلمين فأنا أكن لهم كل الحب والتقدير".
ردة الفعل فاجأتني
وذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بالتبرع للمجتمع المحلي، فقد تبرع في السنة الماضية لأحد المؤسسات الأميركية، والتي قدمت لي الشكر فقط.
وأوضح أن هذه هي المرة الأولى التي يتبرع فيها للمجتمع المسلم، "بصراحة انبهرت بردة فعلهم تجاه عملي، الكثير منهم أرسل لي رسائل الشكر، واتصالاتهم التي عبروا فيها عن الشكر والتقدير، واستخدامهم للشبكات الاجتماعية للتفاعل معي وعلى ما قدمته من تبرع".
وذكر أن الكثير منهم جاء للشراء من محله، حتى الذين لم يسبق لهم أن اشتروا من متجره من قبل، "لقد أخجلني ردة فعلهم ولم اتوقع كل هذا الشكر والتقدير، ولذا فهناك تبرع آخر سأقدمه على العيد للمجتمع المسلم الذين سيحتفلون في المسجد".
بناء جسور المحبة
يقول فلادمان إن رسالته التي يود ان يوجهها هي انه ليس من الصحيح ان تكون هناك عزلة بين المسلمين وغير المسلمين، "إظهار بعض اللطف والحب سيظهر مدى حب المسلمين لمجتمعهم والتواصل مع غير المسلمين لا بد من مد جسور المحبة بين الكل بعيداً عن الدين أو الثقافة أو اللون فكلنا أبناء مجتمع واحد يكون النسيج الأميركي".