قبل أربعين يوماً من موعد الانتخابات البرلمانية في المغرب، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر القادم، يشتد التنافس بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي، وغريمه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة المعارض.
وعبَّر إلياس العمري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال انعقاد الدورة 21 للمجلس الوطني للحزب نهاية الأسبوع في ضواحي مدينة الدار البيضاء، عن رغبة حزبه الصريحة في احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الثانية من نوعها بعد تبني دستور جديد في 2011.
وشارك هذا الحزب منذ تأسيسه سنة 2008 في محطة انتخابية برلمانية واحدة سنة 2011. وتعد هذه الانتخابات الثانية التي يخوضها في تاريخه، عكس العدالة والتنمية الإسلامي الذي خاض الانتخابات البرلمانية لأول مرة سنة 1997، وتعد هذه الانتخابات خامس مشاركة له.
وقال العمري إن "استمرار الوضع الحالي قد يودي بالبلاد إلى كارثة" وإن "المغاربة يتوقون إلى التغيير الذي يمثله حزب الأصالة والمعاصرة".
إنقاذ الوطن
واعتبر العمري، حسب ما نقلت عنه الصحف المحلية الإثنين 29 أغسطس/آب 2016، أن المعركة الانتخابية القادمة تهدف إلى "إنقاذ وتحرير الوطن" من الإسلاميين، موضحاً أن كل "مناضلات ومناضلي الأصالة والمعاصرة لن يسمحوا لأي أحد بأن يعبث بمصلحة الوطن" في إشارة للحزب الإسلامي.
وفاز العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي لأول مرة في تاريخه بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي تلت تبني دستور جديد صيف 2011، عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية في سياق "الربيع العربي".
لكن هذا الحزب حلَّ ثانياً بعد حزب الأصالة والمعاصرة خلال انتخابات البلديات والجهات التي جرت في أيلول/سبتمبر 2015، رغم أنه تجاوزه بعدد كبير من الأصوات (مليون و560 ألفاً للعدالة والتنمية ومليون 334 ألفاً للأصالة والمعاصرة).
وتأسس الأصالة والمعاصرة سنة 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي، وحل أولاً في الانتخابات المحلية سنة واحدة بعد ذلك (2009)، قبل أن تندلع الاحتجاجات في المغرب بداية 2011 وترفع صورة مؤسس الحزب من قبل المحتجين ليضطر للانسحاب.
وعرض هذا الحزب نهاية الأسبوع برنامجه الانتخابي خلال لقاء مع أعضائه، ومن المتوقع أن يعلن هذا البرنامج خلال الأيام القليلة المقبلة مع وعد بمنح النساء تمثيلاً أكبر.
وفي أول رد فعل على تصريحات الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، قالت نزهة الوفي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في تدوينة نشرها الموقع الرسمي للحزب، إن "المغاربة يميزون بذكائهم الثاقب، من يتملك آليات إنقاذ الوطن"، ويميزون من هم "في جبهة قوى التحكم والحالمين بالردة ومن هم أنصار جبهة الديمقراطية".
واتهمت هذه القيادية الأصالة والمعاصرة بـ"السعي للوصول إلى السلطة، بكافة الوسائل غير المشروعة"، مشيرة إلى ما اعتبرته "اللعب والتغرير بالنخب الوطنية للظفر برئاسة الجهات، عن طريق الاختراق السياسي العميق".
عرقلة الحكومة
أما عبد الله بوانو رئيس كتلة العدالة والتنمية في البرلمان، فقال على موقع الحزب، إن أهداف المعارضة من عرقلة عدد من مشاريع القوانين هو أن "لا يحسب لهذه الحكومة صدور عدد من القوانين في وقتها"، ولكي تتهم في الأخير بأنها "لم تستطع تنزيل مقتضيات الدستور".
وكان حزب العدالة والتنمية الإسلامي قد كشف مساء الجمعة الماضي أسماء 74 مرشحاً باسمه سيترأسون 74 دائرة من أصل 92، ما أثار الاستغراب حول اكتفاء هذا الحزب بتغطية 80% فقط من مناطق المغرب رغم قدرته على تغطية جميع الدوائر.
وقرر عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، الترشح خلال هذه الانتخابات في مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، كما أن أغلب وزراء حزبه ترشحوا في "محاولة لتعزيز الشرعية وامتحان الشعبية عبر صناديق الاقتراع" بحسب ما كتبت الصحافة المحلية.
وتمكن حزب العدالة والتنمية من استمالة ما يسميه "شخصيات مستقلة" للترشح باسمه مثلما حصل مع حماد القباج، الوجه السلفي المعروف في مدينة مراكش السياحية، حيث لقي إعلان ترشحه مساندة كبيرة من قبل الناشطين السلفيين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وعرف هذا السلفي بتصريحاته المثيرة للجدل وخلقت تزكيته باسم العدالة والتنمية "مفاجأة غير منتظرة"، وصفها موقع "هافينغتون بوست" في نسخته المغربية بـ"محاولة العدالة والتنمية استمالة أصوات السلفيين رغم صغر وزنهم الانتخابي (…) لكن لخطابهم أثراً كبيراً".
في المقابل يدعو أنصار هذا الشيخ وغيره من رموز السلفية في تدويناتهم على فيسبوك إلى "التصويت الى جانب أقل الضررين"، أي إلى جانب حزب العدالة والتنمية، باعتبار أن أغلب خصومه يدعون لقيم "مخالفة للإسلام والمجتمع".
ومن المنتظر أن يقدم التحالف الحكومي المكون من أربعة أحزاب في الثاني من أيلول/سبتمبر حصيلة عمل الحكومة خلال الخمس سنوات الأخيرة.
وفيما تصف أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الأصالة والمعاصرة حصيلة الحكومة بـ"الضعيفة"، تعدد أحزاب التحالف "الإنجازات والإصلاحات الصعبة" فيما يتهم العدالة والتنمية "قوى التحكم" و"الدولة العميقة" بعرقلة عمل الحكومة في إشارة مباشرة لحزب الأصالة والمعاصرة.
وتضم اللوائح الانتخابية قرابة 15 مليون مغربي، وهو ما يمثل أكثر بقليل من نصف المغربيين الذين يحق لهم التصويت، وقد بلغت نسبة المشاركة خلال انتخابات 2011 البرلمانية 45%، حيث تنافس نحو 30 حزباً على 395 مقعداً في البرلمان.
وتنطلق الحملة الانتخابية رسميا 15 يوماً قبل يوم التصويت (7 تشرين الأول/أكتوبر)، حسب ما ينص على ذلك القانون المغربي.