طريقة تربية المتدينين لأبنائهم.. هل تزرع فيهم الرياء؟

في المساجد يربون الشاب على ضرورة التميز أمام الخلق من أجل إبراز صورة طيبة عن الإسلام، وهذا بدوره سيكون سبباً من أسباب محبة الناس للإسلام،

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/26 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/26 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش

في المساجد يربون الشاب على ضرورة التميز أمام الخلق من أجل إبراز صورة طيبة عن الإسلام، وهذا بدوره سيكون سبباً من أسباب محبة الناس للإسلام،
هذه التربية المتراكمة ستؤدي لأمور:

1- تكوين الرياء شيئاً فشيئاً حتى يصير مهمة الملتزم إعجاب الناس به.

2- عمل مصالحة بين هدي القرآن وبين ما يراه الناس حسناً (ترقيع يعني).

3- تبخيس ما هو رباني وتقديس ما هو إنساني؛ لأن البوصلة صارت نحو اتجاه خاطئ (علمانية بلحية).

4- ظهور الأخلاق منه بما يتناسب مع مصلحة الدعوة فقط دون اعتبار وجوبها على الدوام (مثال الانتخابات الجامعية).

من تربى هكذا سيشعر بعد مدة بضيق شديد (إن كان صادقاً)؛ لشعوره بأن شخصيته صارت انعكاساً لمرادات الخلق ثم انهيار ذاته أمام عينيه، ولذا فإنه يتهرب من هذا بطريقين:

– فعل ما تهواه نفسه بحجة السليقة، والبعد عن التكلف، ومن ثم ظهوره بمظهره الطبيعي الحقيقي، وهذا بديل سيئ عن الواجب فعله، وهو القيام بالخير وبمرادات الله من غير تعلقها بالخلق (وهؤلاء يسمون أنفسهم المجددين أو الخارجين عن القطيع، وفي الحقيقة هم خرجوا من قطيع صغير إلى قطيع أكبر فقط)، وللأسف فإن نتائج التربية السالفة ستبقى عندهم دون تغيير (النقاط الثلاث فوق)، لكن ما قام به هو تغيير الباعث من الظهور بصورة ترضي الناس إلى الانسجام مع ما يراه غالب المجتمع، أي قام بالتصالح الحقيقي مع المجتمع بغض النظر عن شيء آخر.

– توجيه طاقات الضيق عنده نحو المجتمع الذي عاش منافقاً من أجله ردهاً من الزمن، فيترك كل أخلاقيات التعامل مع الناس بحجة التعبير عن الحق، بل قد تصبح بوصلة الحق عنده متناسبة طردياً مع استعداء المجتمع له، أي أنه يترك فكرة التميز كلياً.
وهذه البذرة الأولى التي زرعها مربٍّ (مربي) غير متربٍّ (متربي) أفرزت لنا مشكلات كبيرة تؤكد لنا بوضوح ضرورة عدم التصدر لمن لا يملك الأهلية، ومع تقديرنا الشديد لمن يحبون هداية الناس، والرغبة في دخولهم حيز الالتزام، إلا أنه ينبغي القول لهم:
إن الأخلاق واجبات ربانية قبل أن تكون وسائل دعوية، وإن رياء الخلق ليس طريقاً مستقيماً نحو الملك الحق، وإن الدعوة وسيلة إلى الله سبحانه وليس العكس، وإن نجاح الدعوة مرهون بولاية الله ونصرته لها وهذا أبداً لا يكون للممثلين.

وليس المطلوب منهم ترك التفكير في الدعوة، بل المطلوب منهم ترك التمثيل من أجل الدعوة، ونحن هنا إذ ننقض أمراً ملازماً لأمر لا نطالب بترك الثاني بل بإصلاح الأول.

ومع تقديرنا الشديد لمن حاسبوا أنفسهم محاسبة صادقة، وخرجوا من هذا التناقض إلى رحابة الانسجام ينبغي القول لهم:
إن السجية والطبيعة والسائد في المجتمع يساوي في كثير من الأحيان هوى النفس وتطويعها وتزيينها، وإن الراحة النفسية فقط ليست هي مقياس النجاح في اختبار الدنيا، وإن منهج السلامة لا يعني دائماً سلامة المنهج، وإن الخروج من الرياء لا يكون بالدخول في المعاصي، وترك الدعوة إلى الله والتصالح مع الخبث.

والمطلوب؟ وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة.. ودُمتم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد