لمّا كانت النفس لاعباً أساسياً في حياة البشرية، فهي العابثة والباعثة لردود فعل أي فرد، كان للعنف النفسي الموجه ضد المرأة الدرجة الأولى والأخطر بآثاره عليها وعلى المجتمعات في العالم.
إن الإهانة والإذلال، والإهمال والهجر والحرمان، والتحقير والشتم والسب، والنقد السلبي الدائم ومنعها عن الاتصال بالآخرين، وحرمانها من التعليم وممارسة أي أنشطة ثقافية وتطورية، أشكال مؤسفة وخطيرة من الممارسات اليومية التي قد تتعرض لها المرأة، فضلاً عن كارثة أكبر بأن يرافقها عنف اقتصادي، كالسيطرة عليها مادياً وحرمانها من العمل، والحرمان من الميراث والتصرف براتب أو مال الزوجة أو الأخت أو الابنة، والاستيلاء على ممتلكاتها، فهناك الكثير من الصور المؤلمة من تسلّط الآباء المجحف بحق بناتهن فقط بحجة أنها امرأة ناقصة عقل ودين، على حد عقولهم.
إن أي شكل من أشكال التهكير النفسي للمرأة يؤدي إلى انحرافها أو انعزالها بطريقة مضحكة اجتماعياً، وكلا الحالتين انعزال؛ لأن المجتمع سيرفضها بكلتيهما، فهو مجتمع ذكوري متسلط يضم كلا الجنسين حتى لو كانت أختها الأنثى ستأخذ دور الذكر وتبدأ بالمحاسبة، وعلّ كلَّ واحدٍ منا يحاسب نفسه قبل ذلك كله.
فالمرأة في أيامنا إن كانت جميلة تتعرض للهتك النفسي وكأنها ضريبة واجبة الدفع عليها، وإن كانت ذات مال تتعرض للمحاصرة، وإن كانت ذات مركز تبقى هي المنافسة الأخيرة بحجة أن الرجل وراءه عائلة يجب أن يتمركز أولاً، وإن كانت إنسانة عادية تُصنف على أنها تمارس دورها شرعاً وحقاً، ويجب أن تمارس كل حقوقها كاملة بحجة أنها عادية ولا ضريبة لها، فهي تشبه الأخت والأم والجدة والعمة والخالة، وإن كانت امرأة متدنية الفرص قد تتسلم وزارة الشؤون الاجتماعية، عجباً لقانون الاحتمالات فهو لا يترك الشك مطلقاً بمجتمع يلزمه قانون عدالة اجتماعية قبل أي شيء.
في النهاية يلزمنا الكثير من الثقل والتهذيب في مجتمعاتنا؛ ليتوقف فكر الأنا وتبدأ مجتمعاتنا بالتقدم دون جثث، فمجتمعنا إما أن يخلق امرأة متحضرة أو يخلق وحشاً يأكل ذاته.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.