اتفاق تاريخي بشأن بريكست.. لندن تحقق تقدماً في مسائل جوهرية بشأن انسحابها من الاتحاد الأوروبي

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/08 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/08 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش

توصلت بريطانيا إلى اتفاق تاريخي مع الاتحاد الأوروبي بشأن شروط بريكست، الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2017، ما يسمح للطرفين بإطلاق محادثات صعبة بشأن العلاقة المستقبلية عقب الانفصال.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، الجمعة، أنه سيعمل على اتفاق تجارة حرة لفترة ما بعد بريكست، يشبه ذلك القائم بين التكتل وكندا رغم رفض لندن إياه، مشيراً إلى أن إصرار بريطانيا على مغادرة السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي لم يترك خياراً آخر.

وتوجهت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى بروكسل؛ من أجل محادثات في وقت مبكر مع رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، بهدف تحقيق اختراق.

وأعلنت المفوضية الأوروبية أن لندن حققت "تقدماً كافياً" في مسائل تشكل جوهر انسحابها من التكتل، بينها الحدود مع إيرلندا وتكلفة بريكست وحقوق المواطنين.

إلا أن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، الذي سيوصي قادة الاتحاد في قمة الأسبوع المقبل بفتح المحادثات المرتبطة بالتجارة والمرحلة الانتقالية، حذر من أن الأصعب لم يأتِ بعد.

وقال توسك: "دعونا نتذكر أن التحدي الأصعب لا يزال أمامنا. نعرف جميعاً أن الانفصال صعب، لكن الأصعب هو الانفصال وبناء علاقة جديدة".

وعكس ذلك، تصريح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، الذي رأى أن الأخذ بشروط بريطانيا، التي تتضمن كذلك خروجها من حرية الحركة المطبَّقة بين دول التكتل، لا يُبقي إلا على "اتفاق للتجارة الحرة على غرار النموذج الكندي".

وأضاف بارنييه: "لسنا نحن (من يريد ذلك)؛ بل أصدقاؤنا البريطانيون الذين يضعون هذه الخطوط الحمراء التي تغلق أبواباً معينة؛ لذا فسنعمل على هذا النموذج".

ويتوقع أن تشكل هذه التصريحات ضربة للندن، بعدما رفضت ماي في خطاب سابق، اتفاقاً على النموذج الكندي، داعية إلى "شراكة اقتصادية طموحة" مع الاتحاد الأوروبي.

وعمل المفاوضون، خلال الليل، على التوصل إلى اتفاق، بعدما حدد الاتحاد الأوروبي تاريخاً نهائياً الأحد 10 ديسمبر/كانون الأول 2017. وأكدت ماي أن الجزء الأهم من الاتفاق هو ضمان ألا تعود نقاط التفتيش إلى الحدود بين إيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني وجمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، بعد بريكست، المتوقع رسمياً بتاريخ 29 مارس/آذار 2019.

وقالت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع يونكر: "سنضمن ألا تكون هناك حدود فعلية في إيرلندا الشمالية".

"نهاية المرحلة الأولى"


وعرقل وحدويّو إيرلندا الشمالية الذين دعموا حكومة الأقلية المحافظة بقيادة ماي، اتفاقاً محتملاً الإثنين، بمعارضتهم الشرسة للصيغة التي شعروا بأنها ستفصل المقاطعة عن باقي المملكة المتحدة.

وأعربت زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي، أرلين فوستر، لشبكة "سكاي نيوز،" عن "سعادتها" حيال التغييرات التي أٌدخلت على الاتفاق بناء على طلب الحزب.

ويُلزم الاتفاق الطرفين باحترام اتفاق الجمعة العظيمة الذي أُبرم عام 1998 وأنهى عقوداً من العنف بين القوميين الذين طالبوا بالانضمام إلى جمهورية إايرلندا ووحدويي إيرلندا الشمالية الموالين لبريطانيا.

وستجد لندن، بموجب الاتفاق، طريقة لتفادي وجود حدود فعلية على جزيرة إيرلندا "في إطار العلاقات العامة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة".

لكن، إذا تبين أن ذلك أمر لا يمكن تحقيقه، فإن لندن "ستلتزم بالكامل" بقواعد السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأساسيين في اتفاق الجمعة العظيمة.

من جهته، رحب رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارادكار، الجمعة، بالاتفاق الذي اعتبر أنه يشكل "نهاية المرحلة الأولى من المفاوضات".

لكنه أكد ضرورة "البقاء متيقظين في المرحلة الثانية" منها .

وفيما يتعلق بفاتورة خروجها من الاتحاد الأوروبي، والتي شكلت أكثر النقاط إثارة للخلاف، وافقت لندن على تسوية مالية تقضي بدفعها ما بين 45 و55 مليار يورو.

وفيما يتعلق بالرفاه والحقوق الاجتماعية لنحو 3 ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا بعد بريكست، وافقت بريطانيا كجزء من الاتفاق على حمايتهم عبر آلية تمنح مواطني الاتحاد الأوروبي الحق بالاحتكام إلى محكمة العدل الأوروبية في حال شعروا بأنهم لا يعامَلون بشكل عادل.

تحذير بشأن الوقت


لكن توسك حذر من أن هناك "فعلياً أقل من سنة" متبقية للمحادثات التجارية، حيث استغرقت بريطانيا عاماً ونصف العام للتوصل إلى اتفاق على شروط الانسحاب منذ استفتاء يونيو/حزيران 2016.

ويتوقع أن يُصدر توسك مسودة إرشادات بشأن العلاقات الدولية السبت 9 ديسمبر/كانون الأول؛ ليتسنى للدول الأعضاء إقرارها قبل قمة الأسبوع المقبل.

وقال إنه سيقترح بدء المحادثات بشأن الفترة الانتقالية "فوراً" والتي قدرت بريطانيا أن تستغرق نحو عامين.
لكنه حذر من أنه سيكون على لندن "احترام قانون الاتحاد الأوروبي بأكمله بما في ذلك القوانين الجديدة" التي تقَر خلال هذه المدة.

ويرجح أن يشكل ذلك خطاً أحمر بالنسبة لأعضاء حزب ماي المحافظ.

ودعا توسك كذلك، إلى أن توضح بريطانيا، بشكل أكبر، نوع العلاقة التجارية التي ترغب فيها بعد انسحابها من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.

وقال إنه سيتم وضع مجموعة منفصلة من الإرشادات العام المقبل بشأن التعاون في مجالي الأمن والإرهاب.

وأثيرت العديد من التكهنات قبيل الإعلان عن الاتفاق حين نشر مارتن سلماير، مدير مكتب يونكر، صورة لدخان أبيض، وهي الإشارة التي يستخدمها الفاتيكان للإعلان عن انتخاب بابا جديد، بعد وصول ماي.

واجتمع يونكر أولاً مع فارادكار قبل أن يلتقي ماي ليل الخميس؛ في محاولة لإيجاد مخرج من الطريق المسدود بشأن نص الاتفاق المرتبط بالترتيبات المستقبلية على الحدود الإيرلندية.

تحميل المزيد