بعد مائة عام!

التحدث عن أمجاد صلاح الدين والقادة البواسل الذين غضبوا فحاربوا ثم انتصروا للقدس- أصبح مفعوله كالحشيش، نميل إلى تعاطيه لنتوهم تلك البطولة وأننا أحفاد الأيوبي وحتى ننسى الحقيقة، ولكن يبقى طعم المرارة والإحساس بالعار يتبعنا في كل مرة تصاب فلسطين بجرح جديد.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/17 الساعة 03:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/17 الساعة 03:19 بتوقيت غرينتش

ذات يوم قرأت "ودخل صلاح الدين إلى القدس.. ولأول مرة بعد مائة عام، عاد صوت المؤذن ينادي للصلاة من جديد"، واليوم قرأت "واعترف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل بعد مائة عام من وعد بلفور، ذلك الوعد الذي تداول عليه جُلّ رؤساء أميركا من قَبله طيلة 22 سنة".

الفرق بين المائة عام الأولى والثانية، أن صلاح الدين الأيوبي غضب لحال المسلمين في ذلك الزمان وترامب استهزأ بحال ضعفهم اليوم. بين من قال: "كيف أبتسم والأقصى أسير؟!" ومن ابتسم مغترّاً بتكبُّره وجبروته وبصوته الغليظ القبيح كقُبح وجهه وقال: "القدس …". لن أكملها؛ فالقدس ستبقى لنا حتى وإن كنا من أبنائها العاقين.

التحدث عن أمجاد صلاح الدين والقادة البواسل الذين غضبوا فحاربوا ثم انتصروا للقدس- أصبح مفعوله كالحشيش، نميل إلى تعاطيه لنتوهم تلك البطولة وأننا أحفاد الأيوبي وحتى ننسى الحقيقة، ولكن يبقى طعم المرارة والإحساس بالعار يتبعنا في كل مرة تصاب فلسطين بجرح جديد.

ولكن، هم استطاعوا أن يتغلبوا على جروحهم ويلملموها، بما أن أولي الأمر والشعب متفقون على مبدأ واحد؛ وهو: لا حياة لنا من دون الأرض، لن نسامح في العرض ولن نبتسم حتى يُرفع صوت الأذان ويعم صداه أرجاء القدس الشريف، "الله أكبر.. الله أكبر" في القدس هذا ما حققوه وهذا ما نحن نتمناه، بين هذا وذلك قرابة 900 عام عنوانها وقد اغتُصب العرب في عقر دارهم، أعوام شهدت تداول حكام العرب على خيانة القضية أو بيعها في بعض الأحيان.

إذ لا يمكن أن نلوم شعوبنا على قلة حيلتهم، ولا حكامنا على سمعهم وطاعتهم، فقد تربّوا على ذلك.

ما أعرفه أن صلاح الدين الأيوبي ليس فينا اليوم، وليس فينا من يغضب كغضبه أو غضب أتباعه، فهل تتخيل -صديقي القارئ- أن بالسيسي أو بملوك الخليج العربي أو برؤساء أعمارُهم تقارب مائة عام سنحرر فلسطين أو سنرجع القدس؟! هل تتخيل بشعوبنا التي أعماها الجهل وأثقلتها الفتن وأغرقها دم الأخ المقتول وصراخ البِكر التي تُغتصب- سنثأر لأم القضايا؟!

هم مستمرون في إذلالنا طالما سنبقى أتباعاً لهم اقتصادياً، وسياسياً، وصناعياً. وطالما سنواصل لعب دور المستهلك الوفي الغبي، فلن نثأر، وذلك الأسد فينا لن يزأر إلا… بالعِلم.

إن كنت تريد أن تثأر فتعلّم، اكتسب العلم، اصنع وابتكر، وسلِّح الأجيال القادمة بحب فلسطين وبالعِلم. علِّمهم أن الأرض هي العرض، وأعلِمهم أن فيهم "صلاح الدين" الذي سيلملم جراح هذه السنين.

هي قناعة مرفوقة بدمعة القهر، ليس هذا الجيل من سيحررك يا فلسطين الحبيبة، ولكن هل سننتظر مائة عام أخرى لننتصر؟!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد