تنطلق الانتخابات التشريعية في مصر الأحد 18 أكتوبر/تشرين الأول لاختيار برلمان يرتقب أن يكون داعماً قوياً لسلطة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أسكت المعارضة الإسلامية والعلمانية، على حد سواء، منذ إطاحته بسلفه الإسلامي محمد مرسي في 2013.
الانتخابات، التي كان من المفترض أن تتم في 2014 ولكنها تأجلت أكثر من مرة، من المقرر أن تتم على مرحلتين بين 18 أكتوبر/تشرين الأول و2 ديسمبر/كانون الأول لتشكل أول برلمان منذ حل مجلس الشعب يونيو/حزيران 2012.
ومنذ فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2014 يؤكد السيسي دوماً أنه لن يشكل حزباً سياسياً ولن ينضم إلى أي حزب موجود، خلافاً لكل الرؤساء المصريين الذين تولوا السلطة في مصر منذ إسقاط الملكية في عام 1952.
غالبية المرشحين يدعمون الجنرال السابق
إلا أن غالبية المرشحين الذين يخوضون هذه الانتخابات يدعمون الجنرال المتقاعد.
ويقول مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن المرشحين "لن يعارضوا سياسات الرئيس السيسي بل يريدون أن يظلوا قريبين منه؛ لأن الرئيس في مصر هو مركز النظام السياسي".
برلمان الأمر الواقع
الرأي نفسه يؤيده أستاذ العلوم السياسية حازم حسني بقوله: "البرلمان سيكون برلمان الرئيس".
ويضيف أنه "سيترك للرئيس حرية إدارة شؤون البلاد كما يشاء، سيكون برلماناً للحفاظ على الأمر الواقع، كما هو مع إعطاء مسحة من الديمقراطية" على النظام الحالي.
وفي هذا السياق، وعلى الرغم من أن صور المرشحين تنتشر في الشوارع، إلا أن الانتخابات تثير اهتماماً أقل كثيراً من تلك التي جرت في نهاية 2011 ومطلع 2012 التي كانت أول انتخابات بعد الثورة وأشعلت حماس المصريين.
غياب كامل للمعارضة
الانتخابات هي الأولى منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه الإسلاميون في 2012، وتأتي في غياب كامل للمعارضة لأن السلطات تقمع كل الأصوات المخالفة لها منذ إطاحة مرسي.
وتم حظر جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي والتي فازت في كل الانتخابات التي نظّمت عقب خلع مبارك.
وفي الأشهر التي تلت الإطاحة بمرسي شنت قوات الأمن المصرية حملة قمع على جماعة الإخوان المسلمين أدت إلى سقوط 1400 قتيل من أنصارها، كما تم توقيف عشرات الآلاف من المنتمين إليها وحُوكم مئات، من بينهم مرسي في قضايا جماعية دانتها الأمم المتحدة.
غياب تيارات الشباب
أما الحركات الشبابية العلمانية واليسارية التي كانت رأس الحربة في ثورة 2011، فتم قمعها فضلاً عن أنها غير منظمة وستقاطع هذه الحركات الانتخابات أو ستمثل تمثيلاً ضعيفاً، إذ إن لها قرابة 100 مرشح فقط من إجمالي 5000 يتنافسون على مقاعد البرلمان.
وتجرى المرحلة الأولى للانتخابات يومي 18 و19 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في 14 محافظة تضم 27 مليون ناخب للتصويت في هذه المرحلة.
وتنطلق المرحلة الثانية والمقررة في 22 و23 من نوفمبر/تشرين الثاني في 13 محافظة تضم 28 مليون ناخب.
ويتكون برلمان مصر، أكبر بلد عربي والذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة، من 596 مقعداً، ويجرى انتخاب 448 نائباً وفق النظام الفردي و120 نائباً وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي 28 نائباً.
دور هشّ للبرلمان
ويحق للبرلمان وفقاً للدستور الجديد سحب الثقة من الرئيس كذلك ينبغي عليه مراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوماً.
لكن ناثان براون، الباحث في معهد كارنيغي، يقول إن "قدرة (البرلمان) على استخدام صلاحياته تقترب من الصفر، خاصة إذا ما أسفرت نتائج الانتخابات عن برلمان مفكك وغير أيديولوجي كما هو متوقع".
وتعتقد الباحثة ناتالي برنارد-موجيرون، المقيمة في باريس، أن النظام الانتخابي "يصبّ في صالح المرشحين عن المقاعد الفردية الذين بنوا روابط قبلية وأسرية على المستوى المحلي وليس الأحزاب".
ولذلك فهي تتوقع أن "نرى مجدداً عودة قوية لشخصيات عهد مبارك، فهم على دراية كبيرة بهذا النظام (الانتخابي) ولديهم علاقات جيدة على المستوى المحلي".
رجال مبارك يقودون المشهد
مئات من الأعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، يتنافسون في الانتخابات بعد أن ألغى القضاء قراراً سابقاً بمنع ترشحهم.
وأكد تقرير لصحيفة "الأهرام" اليومية المملوكة للدولة أن قرابة نصف المرشحين كانوا أعضاء في حزب مبارك الذي تم حله.
لكن الصحفي مصطفى بكري يدافع عن ترشح هؤلاء، ويقول: "الفاسدون جرى استبعادهم وليس من المعقول أن نستبعد 3 ملايين من الأعضاء السابقين في الحزب الوطني".
ويترشح بكري على قائمة "في حب مصر" المؤيدة للسيسي والتي تأمل في تشكيل أغلبية برلمانية تضم ثلثي النواب.
النور السلفي
وفي غياب الإخوان المسلمين عن المشهد يبرز حزب النور السلفي، الذي أيد الإطاحة بمرسي، كالحزب الإسلامي الوحيد في هذه الانتخابات.
ويقول زياد العليمي، النائب البرلماني السابق عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار وسط) الذي يدفع بـ77 مرشحاً في هذه الانتخابات: "هذا الطريق (الانتخابات) لن يصل بنا لأي شيء جيد، هذا الطريق سيصل بنا نحو نظام استبدادي ودولة الرأي الواحد".