يبدو أن الدول العربية ستشهد في السنوات القادمة توسّعاً واضحاً للمشروع الإيراني على أراضيها وخاصّة مع وجود مؤشرات كثيرة تؤكد ذلك أهمها الاتفاق النووي وتطوّر العلاقات مع أمريكا، وحول ذلك يقول د. عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، لـ "عربي بوست" إنّ "مزاج إيران تمددي في المنطقة وسيزداد تغلغله في الجسم العربي، وإنّ التخندق المذهبي السني والشيعي اليوم ليس إلا تغذية لإيران واستمرارها في المنطقة، وليس أمام الدول العربية إلاّ التصدّي لهذا البرنامج السياسي".
وأضاف "نحن أمام تغيرات كبيرة في واشنطن، والرئيس لديه طموحات في علاقاته مع إيران".
امتداد وتوسّع إيراني
وأما عن أقطاب الصراع السياسي في المنطقة الفترة القادمة يمكن إيجازها بقطبين رئيسين في المنطقة هما طهران والرياض والتي يرى د. عبد الله أنها "مستمرة خلال الفترة القادمة وإن أي خسارة للرياض تصبّ في صالح إيران والعكس صحيح، فالقضايا والأزمات بالمنطقة مرتبطة بإدارة هاتين الدولتين".
والسعودية التي يعتبرها د.عبد الله مركز الثقل السياسي العربي سيكون لديها القدرة "على مواجهة التمدّد الإيراني في العالم كله، وخاصة أنها أثبتت قدرتها على استعراض إمكانياتها العسكرية في اليمن وهي تملك قدرات سياسية ودبلوماسية قوية".
لا ربيع عربي بعد فشله!
الثورات التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات الماضية هي من وجهة نظر د. عبد الله "لم تقدّم نموذجاً ديمقراطياً واحداً يكون جاذباً للمنطقة وشعوبها، وفي ظل غياب هذا النموذج الديمقراطي المستقر والمزدهر يكون مصير الربيع العربي أن يخفت ويختفي"، والأمر نفسه ينطبق على داعش حيث "مصيرها الاختفاء تماماً عاجلاً أم آجلاً، لأن من يقوم بالتدمير لا يدوم تماماً كما حلّ بالقاعدة".
وأضاف عن مستقبل الدول: "هناك احتمال وارد أن نشهد انقساماً على أساس طائفي وخاصة في كل من العراق وسورية، إنّ سيناريوهات الدويلات وارد ولكن سيناريو بقاء الهوية الوطنية العراقية والهوية الوطنية السورية قد يكون خياراً وارداً أيضاً".
وعبّر عن مخاوفه من حصول أزمة إنسانية مروّعة فيما يتعلّق بالنازحين واللاجئين السوريين والعراقيين وأضاف "مع وجود ما بين 3 إلى 5 ملايين مشرّد سوري وأرقام مشابهة في العراق بالإضافة إلى اللاجئين من كل من اليمن وليبيا كل ذلك يؤكد أننا بمواجهة كارثة إنسانية ملحة إن لم تحظ بالاهتمام الدولي".
القوة الاقتصادية سعودية وخليجية!
إنّ منطقة الشرق الأوسط كما يراها د.عبد الله هي منطقة مهمة "شاء من شاء وأبى من أبى" من دول القوى في أوروبا وأمريكا، ولكن رؤيته المستقبلية للمنطقة فيما يتعلق بعلاقات تلك الدول مع نفطها يقول "ربما تستقل أمريكا نسبياً واحتياجاتها من نفط الخليج لن تكون كما كانت في السبعينيات والثمانينيات، ولكن فيما يتعلق بدول آسيا التي تعتبر مركز الثقل العالمي الاقتصادي القادم ستبقى بحاجة للنفط الخليجي".
اعتبر د.عبد الله أن القوى الاقتصادية الكبيرة في المنطقة هي دول مجلس التعاون الست والتي تمتلك أكثر من 60% من الناتج المحلي في الوطن العربي، وأضاف "السعودية الأقوى اقتصادياً، الإمارات هي في المركز الثاني، فالقوة الاقتصادية الحقيقية ليست في المغرب أو العراق أو مصر بل هي في السعودية ودول الخليج العربي".
وأشار خلال حديثه لـ "عربي بوست" إلى أزمة البطالة والتي اعتبرها "أزمة عالمية لا تقتصر فقط على المنطقة العربية التي تعتبر جزءاً من هذه الأزمة العالمية، وفي الوقت الذي لم تستطع الدول الأوروبية مواجهة هذا التحدي فلن نتوقع ذلك من الدول العربية في السنوات القادمة" على حدّ قوله.
وأكد د. عبد الله على أن المنطقة العربية تواجه تحدياً فيما يتعلق بمجال التعليم كي تستطيع مواكبة التغيرات التقنية وتطوير المناهج والكفاءات التعليمية والمهنية فهي مطالبة بالتطور بمختلف المجالات الفترة المقبلة أكثر من أي وقت مضى.
وضع المرأة إيجابي
فيما يتعلق بوضع المرأة يرى د.عبد الله أنّ "وضع المرأة يتحسّن عالمياً يوماً بعد يوم فهي تأخذ المزيد من حقوقها في كل دول العالم وسيعم هذا الوضع في العالم العربي مع زيادة التعليم وزيادة الوعي بأن المرأة شريك في مجالات التنمية وفي مجال الحقوق ، ولها كما للرجل حقوق".