متى سنصبح “ماما نوال” ؟

دائماً ما نسمع أناساً يتحدثون عن الأمل، وكأنه جزء مفقود، لا يمكن الوصول إليه، شيء غير مرئي، يجعل الحياة وردية، ومتناسقة.. لكن كيف يمكن لهذا الأمل الغابر أن يتغلغل داخل أعين أشخاص ميتين على قيد الحياة؛ ليصبحوا أخيراً أعداء الاستسلام والإحباط؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/05 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/05 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش

دائماً ما نسمع أناساً يتحدثون عن الأمل، وكأنه جزء مفقود، لا يمكن الوصول إليه، شيء غير مرئي، يجعل الحياة وردية، ومتناسقة.. لكن كيف يمكن لهذا الأمل الغابر أن يتغلغل داخل أعين أشخاص ميتين على قيد الحياة؛ ليصبحوا أخيراً أعداء الاستسلام والإحباط؟

هي نوال الصوفي فخر المغرب، أو كما لقبّوها "ماما نوال" في الثلاثين من عمرها، صاحبة الابتسامة الثاقبة.

المرأة التي تميزت عن التميز، هي التي وهبت حياتها لمن لا حياة لهم، أعطتهم القوة وبرزت في أرواحهم حس الإرادة والعزيمة.

وأنا أشاهد فيديو فوزها بجائزة صانع الأمل، تبعترثُ، لم أفهم أهي مشاعر حزن أم فرح، لكن تأكدتُ أن الحياة التي نخدع ذواتنا من أجلها ما زالت تافهة، وأن كل ما نؤمن به عن الإنسانية لم يتخطَّ الحدود العميقة بعد.

نحن الذين نركض وراء فراغات الأمور، نتشبث بالعدم، لا ندرك معاني الأشياء ولا نخلد من أجل معرفتها، اقتصرنا على الشكوى، على محاربة ذواتنا واستعمار أنفاسنا.

تعبت ذواتنا وسئمت، بل أصبحت باردة، خالية من مشاعر الحب أو التضحية؛ لكثرة مشاهد الضحايا والمهاجرين لكل بقاع العالم، منهم مَن تبتسم له الحياة ليعيش، ومنهم مَن تعبس في وجهه ليتشرد عن الدنيا.

ذلك الظلم المنشود وتلك الآهات الصاخبة، استنجدت بإنسانة فاضت بها تعاريف الإنسانية، استطاعت باللاشيء القيام بأشياء جميلة، وضعت بصمة الفخر على أبواب هذا العالم، كما أنها أزالت ستار الضعف الذي يلصقونه بالمرأة، وأظهرت شجاعتها وقدرة المرأة المحبة للخير.

في حديث لها قالت: لـ"ماما نوال" عدة معان، أولها ذلك الشعور الذي أشعر به عندما يتصل بي شخص من البحر، أشعر وكأنه جزء مني..

وهي تحكي عن قصتها مع المهاجرين، جعلت من كلماتها علامات استفهام، وكأنها تتساءل: وماذا عنك؟ ما هي خطوتك القادمة؟ ثم إلى متى؟

تشعر وكأنها ملاك طاهر يبرز وجوده عند الحاجة، استمرت في مساعدة المهاجرين وبانتظار اتصالاتهم بعد ما اختارت الدخول إلى عالم التضحيات.

نجحت ماما نوال في إنقاذ آلاف الأرواح، كما أنها تفوقت في صنع ذلك التغيير الذي كنا بحاجة له، وعلى الرغم من أنها كانت من أشد الرافضين لفكرة الشهرة، فقد حفرت اسمها في قلوب العديد، كما أنها أعطتنا درساً جفت عند تدوينه الأقلام، ومنحت عِبرة لجيل قادم بعدنا.

وبما أنها ليست الوحيدة التي وهبت حياتها لزرع الأمل، فما زال العالم بخير.. شكراً ماما نوال.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد