مرشَّح خامنئي السري للرئاسة الإيرانية يدير إمبراطورية مالية.. ما حقيقة تورُّطه بقتل آلاف المعارضين؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/25 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/25 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش

دماء آلاف السجناء السياسيين الذين شارك في إعدامهم لن تكون سبباً لمنعه من تولي أكبر منصب في إيران.

كان مقرراً أن تصبح الانتخابات الرئاسية الإيرانية المزمع انعقادها خلال شهر مايو/أيار القادم بمثابة ممارسة روتينية للسلطة يستعيد من خلالها حسن روحاني تولي زمام الأمور بالبلاد. فقد أنهى الأزمة النووية مع القوى العظمى وأعاد ملء خزائن الدولة. والتاريخ يؤكد ذلك، حيث لم يخسر أي رئيس إيراني انتخابات الفترة الثانية من قبل.

ومع ذلك، فقد تغير التاريخ جراء إعلان ترشح إبراهيم رئيسي، الذي يحظى بدعم وتأييد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي. وربما تؤدي أزمة الخلافة التي تلوح في الأفق والجدل الاقتصادي المثير للجدل إلى انتهاء عصر روحاني بانتهاء فترة رئاسته الأولى، حسب تقرير لصحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية.

رئيسي البالغ من العمر 56 عاماً هو طالب سابق تتلمذ على يد المرشد الأعلى وقضى معظم حياته في هيئات إنفاذ القانون بالجمهورية الإسلامية. وبعد الثورة مباشرة، تم تعيين رئيسي في مجموعة من المناصب بالسلطة القضائية ليصبح مدعياً عاماً ورئيساً لمكتب التفتيش العام. وفي عام 1988، أثبت قدراته من خلال العمل بـ"لجنة الموت" التي أقرت تصفية آلاف السجناء السياسيين.

ما هي لجنة الموت؟

وتعد لجنة الموت واحدة من أكثر القضايا الشائكة في تاريخ إيران.
وكان أحمد منتظري، وهو نجل المرجع الشيعي الراحل آية الله حسين علي منتظري، الذي كان خليفة الخميني مرشد الثورة الأول حتى عزله عام 1988، قد سبق أن نشر شريطاً صوتياً، تضمن جزءاً من لقاء والده مع أعضاء "لجنة الموت" التي ارتكبت مجازر بإعدام عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في صيف 1988.

وأثار نشر الشريط جدلاً واسعاً في الأوساط الإيرانية، حيث تطرق آية الله منتظري، خلال لقائه بأعضاء "لجنة الموت" المسؤولين عن إعدامات 1988 إلى قضية المحاكمات غير العادلة والفعل الانتقامي من خلال الإعدامات الجماعية، وقال مخاطباً إياهم: "إنكم ارتكبتم أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية"، محذراً من أن "التاريخ سيعتبر الخميني رجلاً مجرماً ودموياً"، وهذا هو الموقف الذي أدى إلى إقالته من منصبه من قبل الخميني، حسب تقرير لموقع قناة العربية.

وأدى انتشار الشريط إلى تحرك دولي للمطالبة بمحاسبة أعضاء لجنة الموت، حيث طالب 60 نائباً في البرلمان الأوروبي في بيان مشترك، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بمحاكمة قادة النظام الإيراني عن مذبحة السجناء السياسيين في إيران عام 1988.

وكان العديد من الأشخاص الذين أعدموا قد صدرت أحكام عليهم بالحبس في وقت سابق، وكانوا إما يقضون مدة أحكامهم أو حتى كانت مدة محكوميتهم قد انتهت.

وكان الضحايا الآخرون هم من السجناء الذين أفرج عنهم، لكن أعيد اعتقالهم في أعقاب قرار الخميني، أو كانوا من الأفراد الذين لهم روابط عائلية لمنتمين لمنظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، حسب العربية.

تمهيد لما هو أكبر

وخلال السنوات القليلة الماضية، كان خامنئي يعد رئيسي لتولي منصب القائد الأعلى من خلال تعيينه رئيساً لأكبر مؤسسة خيرية في إيران. وقد منحت أصول المؤسسة البالغة 15 مليار دولار رئيسي سلطةَ الرقابة والقدرة على حشد جمهور من الأنصار من بين الطبقات العاملة. وأدى إخلاصه للنظام الحاكم ورغبته في التغاضي والصفح عن العنف الجماعي إلى إعجاب الحرس الثوري به.

ومنذ اندلاع مظاهرات الثورة الخضراء الموالية للديمقراطية عام 2009، أصبحت أولوية النظام الإسلامي الحاكم تتمثل في منع نشوب أي عمليات تمرد أخرى. ولا يهتم خامنئي والحرس الثوري التابع له ببقاء النظام في سدة الحكم فحسب، بل بالمحافظة على الأهداف والمثل الثورية.

ويخشى المتشددون في ظل غياب قائد أعلى يتسم بالحزم من فقدان القيم العقائدية للنظام وتقويض قدرته على مواجهة الاحتجاجات الجماعية، حسب الفايننشيال تايمز.
وقد أدت علاقات رئيسي طويلة الأمد بالأجهزة الأمنية إلى أن أصبح المرشح المفضل لدى المتشددين لتولي منصب القائد الأعلى. وتتمثل المشكلة في افتقاره إلى الخبرات التنفيذية.
ولذا سوف يساعده تولي منصب الرئيس، الذي يتطلب براعة كبيرة في مجالي البيروقراطية والاقتصاد، في مجابهة تلك المشكلة. فقد تمكن خامنئي من اتباع نفس ذلك المنهج وصولاً إلى منصب القائد الأعلى للبلاد.

لماذا يخشون من نجاح روحاني؟

ويواجه روحاني معضلة رفض المتشددين لأسلوبه في الاقتصاد. فقد أدت الآثار المدمرة للعقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني إلى قناعة خامنئي بأن الاعتماد على الأسواق العالمية يجعل البلاد أكثر تعرضاً للمؤامرات الغربية التي تستهدف تغيير النظام.

ويرى المتشددون أنه لتحقيق الاستقلال الفعلي، يتعين على إيران بناء "اقتصاد مقاوم" يتخلص من الاعتماد على الصادرات النفطية ويسعى وراء حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية ويتجنب التجارة الدولية لصالح الأسواق المحلية ويتوقف عن التعامل مع البنوك الدولية.

وعلى النقيض من ذلك، يعتقد روحاني أن الاستثمارات الأجنبية وزيادة مبيعات النفط سوف تكفل تحقيق النمو الاقتصادي واسترضاء الشعب الغاضب. ولتحقيق أهدافه المتمثلة في دمج إيران مع الاقتصاد العالمي، كان يتعين عليه التوقيع على اتفاقية الحد من الأسلحة التي أدت إلى الاستغناء عن القضية النووية. ويعتقد روحاني ومساعدوه الذين يستهدفون التحديث أن أفضل سبل الإبقاء على النظام الحاكم تتمثل في تعزيز الإمكانات الاقتصادية مع الانفتاح على الغرب.

وتؤدي خلفية رئيسي العملية في الأجهزة الأمنية ودوره في محاكمات عام 1988 إلى صعوبة قيامه بحشد جمهور كاف من الأنصار لتحقيق انتصار ساحق في الانتخابات. وتنشغل صحافة المحافظين في محاولة دعم صورته وتبرئة ماضيه، بينما يمكن الاعتماد على الحرس الثوري من أجل حشد الدعم في صفه.

ولإحباط نشوب ثورة جراء انتخابات متنازع عليها تماثل انتخابات عام 2009، أصدر خامنئي تحذيراته. وأعلن قائلاً "أياً كانت نتائج الانتخابات الوطنية، سوف تكون قانونية وصحيحة. وسوف أواجه كل من يقرر الاعتراض على تلك النتائج".

ويصعب التنبؤ بنتائج انتخابات إيران، حيث يمكن أن تؤثر الدورة الانتخابية على النتائج النهائية. ومع ذلك، يرى خامنئي ومساعدوه أن روحاني قد أدى الغرض منه، حيث توصل إلى إبرام اتفاقية للحد من الأسلحة مع الغرب تكفل وصول إيران إلى تحقيق التمكين النووي.

وتتمثل مهمة خامنئي حالياً في ضمان وصول خليفة له إلى سدة الحكم يمكن الاعتماد عليه في حماية "جمهورية الفضيلة" وصياغة وإقامة الاقتصاد وفقاً لما يراه. وربما يكون رئيسي هو الرجل المناسب لتحقيق هذه المهمة.

تحميل المزيد