هكذا ينقلب السحر على الساحر.. الإسلاموفوبيا تنشر الإسلام

ظاهرة الإسلاموفوبيا أياً كانت أبعادها أو جذورها، فإنها تترك تأثيراً كبيراً يرافقه هستيريا إعلامية تُمثل نموذجاً صارخاً لحملات التشويه والتضليل التي تسيطر على الغرب تجاه الإسلام.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/20 الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/20 الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش

التاريخ أفضل معلم، هكذا يقول هو عن نفسه؛ لأنه يقدم دروساً مجانية حين يكرر نفسه بتكرار الظروف نفسها، فما يشهده العالم اليوم من تعامُل الغرب مع المسلمين كـ"خطر" مع موجة الثورات العربية وظهور التنظيمات الإرهابية التي ضربت عدة دول غربية، وتنامي موجة أو موضة -إن شئت- الإسلاموفوبيا.

ظاهرة الإسلاموفوبيا أياً كانت أبعادها أو جذورها، فإنها تترك تأثيراً كبيراً يرافقه هستيريا إعلامية تُمثل نموذجاً صارخاً لحملات التشويه والتضليل التي تسيطر على الغرب تجاه الإسلام.

معلمنا، التاريخ، يقول إن الديانة التي تتعرض للاضطهاد يكون حظّها أوفر في الانتشار، فعلى سبيل المثال عانى المسيحيون من الاضطهاد الديني في عصور مختلفة تاريخياً، فقد تم اضطهاد المسيحيين في وقت مبكر على أيدي اليهود الذي منهم نشأت المسيحية كديانة، ثمّ من قِبل الإمبراطورية الرومانية التي كانت المسيطرة على معظم الأراضي التي انتشرت فيها المسيحية. اضطهاد المسيحية في وقتها جعلها محل شفقة وبالتالي تعاطف وانتشار، اليهودية هي الأخرى لم تسلم من الاضطهاد، لكنها ولأنها ليست ديانة تبشيرية، فإن عملية الاضطهاد لم تحقق لها انتشاراً.

المتفحص للظاهرة "الإسلاموفوبيوية" يلحظ أنه ورغم الهالة الإعلامية التي تضخم الأمور الصغيرة، يرى في المقابل جانباً آخر، وهو حجم التعاطف الذي يحظى به المسلمون من تعرضهم للتضييق بحجج واهية لا تقنع المجتمع الغربي الذي يعرف معنى الحرية جيداً، خذ على سبيل المثال حين قام منتجع سياحي في فرنسا بتغريم سيدة ارتدت البوركيني بمبلغ 581 دولاراً عقاباً لها على النزول به -البوركيني- إلى حمام السباحة، وهذا يعتبر انتهاكاً صارخاً للحرية في بلد الحرية، بغض النظر عن الديانة؛ حدث كهذا يأخذ صدى واسعاً في العالم يجعل الناس -الغرب أولاً- يتساءل عن الأسباب المقنعة التي تَحمل السلطات محاسبة الناس لمجرد اعتناقهم لفكرة ما ليست ضارة بالمجتمع، كما أن الدول التي تصنع من الإسلام فوبيا هي نفسها التي تفصل الخط العقائدي عن خط الدولة.

على الجهة الأخرى، حتى التنظيمات الإرهابية التي يتهم الغرب بصناعتها أو على الأقل بالإسهام في صناعتها، من أجل إلصاق التوحش بالإسلام، هي الأخرى لم تحقق هذا الهدف -شيطنة الإسلام- أو حققته على المدى القريب فقط، بعد أن انبرت أصوات تعريها -التنظيمات الإرهابية- وتوضح شبهتها، وبالتالي فإن هذه العملية الدينامية أعطت الإسلام دعاية في الغرب جعلته أكثر انتشاراً على الأقل في الإعلام الغربي.

وكنتيجة لانتشار الحرب في المنطقة بسبب عدم رغبة الغرب في إنهائها، والاستمرار في دعم الأنظمة الديكتاتورية، فإن موجة اللجوء أيضاً "تهدد" أوروبا بأسلمتها؛ لأن الشعوب المهاجرة لها باع طويل في الحضارة وتملك فكراً مختلفاً ما يجعل عملية دمجها كلياً بالمجتمع المضيف أمراً مستبعداً.

عوامل كهذه تجعل العملية تسير بطريقة عكسية، ففي الوقت الذي يريد فيه الغرب طمس الهوية الإسلامية، فإنه يظهرها دون أن يدري، وفي الوقت الذي يدعم فيه الصراع لتثبيت الحكام الذي يحققون له مصالحه فإنه يجعل دوله تتحول إلى مسلمة على المدى البعيد، بسبب كثرة الإنجاب لدى المسلمين وقلته لدى غيرهم، عوامل كهذه تجعل من عملية انتشار الإسلام أمراً واقعياً، ربما لا ينقصه سوى الوقت.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد