كثيراً ما نرى الممثلات في الغرب يرتدين أجمل اللباس؛ تسريحات شعر جميلة ومكياج دقيق، صور مع زوجها بفستانها الأنيق، وأخرى مع ابنتها تركض على شاطئ البحر.. وحينها، ترى رجلاً عربياً -"من دون تعميم"- يعلق تحت الصورة: "يا هيك النسوان يا بلى".
هل تعلم أن هذه المرأة -وأضرب مثالاً لشخصية لم تُعرف إلا بسبب جسدها وهي كيم كارداشيان- تمارس رياضة الملاكمة يومياً؟ وتستطيع قيادة دراجة نارية وإطلاق النار باحترافية؟ ومارست في طفولتها رياضات كورية؟ لديها من العضلات ما يكفي لأن يجعلك طريح الفراش شهراً.. وأضف أن لديها ذكاءً مهنياً جعلها من أثرى الأثرياء؟
هل ما زالت بنظرك هذه المرأة فقط "نسوان"؟ أم أنهن يجب أن يكنَّ رقيقات ناعمات، صوتهنَّ خفيف، "تتوفى" قبل أن تفهم جُملة يقلنها، وكل يوم أكبر همومهن هو اللباس والمكياج وآخر صيحات الموضة.. وفقط؟! ولا ننسى موضوع الإنجاب، فهذا الرجل بنظره كذلك أن الأنوثة لا تكتمل إلا بالإنجاب.
قبل أيامٍ، في أثناء قيادتي وقع عَجَل السيارة في حفرة، وانفجر مباشرة، كان الطارق يبعد عني مسافة 20 دقيقة، أخبرني بأنه في طريقه إليَّ فأخبرته بأن ينتظر وسأرسل له خارطة المكان بعد قليل.
قُدت السيارة ببطء شديد إلى أقرب كازية، نزلت منها وطلبت من أحدهم تبديل عَجَل السيارة بشرط تدريبي على ذلك. فأصبح يخرج العجل الاحتياطي، ويشرح لي كيفية رفع السيارة وفك البراغي وشدها… وبالنهاية، تعلمت تماماً كيف أستبدل عجل سيارتي وحدي دون أي مساعدة.
قد يقول البعض: "هاد مش شغل بنات، وهيك بتفقد أنوثتها"، ومعظم من سيتبنى هذه الجُملة من النساء! وأقول إنك تسمحين بعرض أنوثتك على الملأ عندما تقفين على طرف شارع تنتظرين أي أحد ليبدل لك عجل سيارتك في حال كنتِ بعيدة عن أهلك أو في رحلة. أنتِ هنا بدل أن تستخدمي عقلك وموهبة التفكير وقدرتك الجسدية على مساعدة نفسك، لجأتِ بكل "رِقة" إلى رجال مجهولين تسابقوا لمساعدتك.
نعم، فيهم الخير ونشامى.. بس مش دايماً!
وهل تفقدين أنوثتك في كل أمر مجهِد خارج المنزل، بينما الجلي وتنظيف المنزل -"وطبعاً، أقوم بتلك الأمور"- لا يفقدك نعومة يديك؟ ونضارة بشرتك؟
أتذكر قريبةً لي اضطرت إلى أن تعيش وحدها في الغرب مع 4 أولاد وابنة، واكتشفت في اليوم التالي بعد مغادرة زوجها اضطرارياً أنها لا تعرف أي شيء، مُغيَّبة كانت بهدف أنها امرأة وليس من الضروري أن توجع رأسها، بينما بالنسبة لها انقلب ذلك عليها لتصبح أسوأ سنة في حياتها.
لم تعرف أين تدفع أقساط المدرسة؟ كيف تجدد ترخيص السيارة؟ كيف تدفع التأمين الطبي؟ كيف تجدد جوازات السفر والإقامات؟ في حال حدوث خلل بالمنزل؛ انقطاع كهرباء أو تسريب ماء أو تبديل غاز، لمن تلجأ؟ في الغرب، لا يوجد "حارس عمارة"، هي الحارس والساكن والراعي والمسؤول.
نعم.. الإسلام يصف المرأة بـ"رفقاً بالقوارير"، ولكن ليتذكر من يستخدم هذه الجُملة -وكأنها سيف على رقبة المرأة- أن من كبار حفّاظ السُّنة من الصحابة.. في المرتبة الخامسة كانت السيدة عائشة رضي الله عنها. من بين كل من لقي رسول الله، المئات والآلاف.. كانت هي في المرتبة الخامسة.
تعريف الأنوثة في المعنى الشرقي محصور بشكل الفتاة، ونعومة صوتها، وأناقة ملابسها، وعملها يكون بعيداً عن أي رجل، وأحياناً بالنسبة إليهم إن توظفت فقدت كذلك أنوثتها. وفي حال قررت الفتاة أن تضيف إلى ذلك منصباً إدارياً أو عضلات جسدية.. أصبحت "مسترجلة".
علماً أن معظم الفتيات في الغرب اللاتي نُغرم بهن من خلال شاشاتنا، هن أقدر جسدياً وعقلياً من معظم الرجال الذين يُفتنون بهن.
وبرأيي، الأسوأ أن الكثير من النساء العربيات يساعدن في نشر هذا المفهوم الخاطئ عن الأنوثة، يقبلن الضعف، يقبلن ألا يعرفن أكثر مما فُرض عليهن اجتماعياً، يقُمن بمقاومة الفتاة التي قررت أن تدرس وتسكن وحدها من خلال منحة دراسية، أو قررت أن تدير شركتها وتتعامل مع الجميع بجدية وحزم.. يلقبْنها بالرجل.. قبل أن يلقبها الرجل بذلك. وتخيلوا لو أن البنت شاركت في منافسة لرفع الأثقال، حتى لو كانت في قاعة مغلقة للفتيات فقط.. قالوا عنها "مسترجلة"!
بل هي أدركت أن الله وهبها عقلاً + جسداً + روحاً، وهي تستثمر كل هذه الأمور إرضاءً لنفسها أولاً.. مغلقةً آذانها عن مجتمع يعتبرها "متمردة".
تقوم بذلك لها وليست إرضاءً لرجل قد يدخل حياتها.
فإن دخل أحبها كما هي، ولم "يأمرها" بأن تعود لجاهليته "فتطيعه".
—-
ملاحظة: المقارنة هنا أبداً ليست بين العاملة وغير العاملة، فأنا أحترم رأي واختيار المرأة أو الأم مهما كان، سواء رغبت في العمل أو البقاء بالمنزل، المهم أن يكون قرارها هي. وبطبيعة الحال، هذا ليس موضوع النص أبداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.