يتعجب الكثيرون عند سماع جملة "الطفل مكتئب"، يقولون ماذا يمكن أن يكون لدى الطفل من هموم أو إدراك لمشاكل الحياة حتي يكتئب؟
في الحقيقة الاكتئاب المرضي هو من المشاكل المنتشرة جدًّا عند الأطفال، ولكن أعراضها تأتي متخفية؛ لذلك يجب أن نتعلم كيف نلاحظ العلامات التحذيرية حتى نلجأ للمتخصصين في الوقت المناسب.
عادة يبحث الأهل عن علامات الحزن لتعريف الاكتئاب عند أطفالهم، ولكن في الحقيقة الطفل يعبر عنه بطرق مختلفة ومنها:
1- الغضب السريع وسهولة الاستثارة من العلامات الأكثر انتشاراً عند الطفل المكتئب، ويأتي الأهل للمتخصصين النفسيين بسبب مشاكل سلوكيه كشكوى من المدرسة أو لعدم قدرتهم على التعامل مع الطفل في المنزل وتكون الشكاوى من النوعية الآتية: "طفلي متمرد، يبكي لأقل الأسباب، يؤذي إخوته أو أصدقاءه في المدرسة، خارج عن السيطرة، فُصل من المدرسة".
2- تضاؤل الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها الطفل، فينمو عنده الشعور باللامبالاة ويقل انفعاله بالأمور التي كانت تستهويه..
فمثلا: لا يستجيب لفيلم كارتون كان دائماً ما يضحكه ويشكو الملل عدم الاستمتاع بأي شيء
3- يميل الطفل المكتئب إلى النظرة التشاؤمية نحو كل الأمور وكثيراً ما يرجع المشكلة إلى نفسه. فمثلاً إذا خسر فريقه في النادي فحتماً هو سبب الخسارة، وعادة يقترن هذا بضعف الثقة بالنفس والاعتقاد بأنه غير محبوب وفاشل.
فإذا سألت الطفل "أعطني مثالاً لميزة تتسم بها ويصاحبك الناس من أجلها؟" فيجد الطفل المكتئب صعوبة بالغة في تحديد أي ميزة تنتسب له.
4- تزايد العنف والاضطرابات في البيت والمدرسة. قد يظهر الطفل إفراطاً غير معتاد في الحركة، أو على النقيض يبدي علامات تعب وبطء في الحركة.
5- انطواء الطفل وعدم قدرته علي التفاعل الاجتماعي، فنجد شكوى من مدرسته أنه دائمآً يجلس وحده بعيدً عن الآخرين وليس له أصدقاء، وتعد هذه الظاهرة أحد مسببات الاكتئاب.
6- شكاوى جسدية متكررة أشهرها آلام البطن أو الصداع، وتظهر عند الطفل الذي يفتقد القدرة على التعبير عن مشاكله فيكتمها وتظهر في صورة آلام في الجسم.
7- مشاكل في الأكل، قد تكون شراهة في الأكل مع زيادة سريعة في الوزن أو على العكس رفض تام للطعام وخسارة في الوزن.
8- مشاكل في النوم، فيمكن للطفل المكتئب أن ينام معظم اليوم أو على العكس لا يستطيع النوم ويبقي مستيقظاً طول الليل.
تتنوع المسببات تختلط ما بين عوامل وراثية وعوامل من البيئة المحيطة بالطفل وكثيراً ما يختلط الاثنان ببعض، فمثلا الطفل الذي أصيبت أمه بالاكتئاب معرض للعامل الوراثي بالإضافة للعامل البيئي بسبب تعامله مع أم مكتئبة.
ولكن في كل الأحوال يكون العمل على تحسين البيئة المحيطة بالطفل هو الحل المنقذ من الوقوع في هذه البئر العميقة.
وُجد أيضً أن طريقة التربية من العوامل المسببة للاكتئاب عند الأطفال، فالعنف والميل إلى التحكم النفسي في الطفل، يفقد الطفل ثقته بنفسه واهتمامه بالحياة، لأن حريته في التحكم في إدارة شئون حياته قد سلبت منه.. لذلك، تعلم الأهل لطرق التربية السليمة من أهم عوامل مقاومة إصابة الأطفال لكثير من الأمراض النفسية وليس فقط الاكتئاب.
تبقي بعد ذلك الحوادث والصدمات القدرية التي يجب أن يتبعها تصرف سليم وعلاج فوري حتي لا تتطور إلى مرحلة المرض النفسي المزمن.
ماذا نفعل مع أطفالنا الذين قد يكونون معرضين للاكتئاب؟
1- يجب أن يتم التشخيص قبل متخصص قبل أن نعتبر الطفل مريضا بالاكتئاب أو أي مرض نفسي آخر.
2- العلاج الفوري يأتي بنتائج هائلة ومبشرة جدً فدائماً أرجو من الأهل الإسراع بالاستشارة النفسية لتجنب الوقوع في براثن المرض النفسي المستعصية.
3- الاجتهاد في تعلم التربية الإيجابية هو السبيل لإنقاذ حتى الأطفال ذوي الاستعداد الوراثي للمرض النفسي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.