تتواصل المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية على حدود غزة الشرقية والشمالية، والتي سقط فيها 11 قتيلاً وأكثر من 80 جريحاً منذ بدء الأحداث، وسط تساؤلات عن طبيعة مشاركة القطاع في هذه الهبة التى انتشرت بالضفة الغربية.
وأصيب الثلاثاء 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، ما يقرب من 20 فلسطينياً بالقرب من معبر إيرز في بيت حانون شمال القطاع في مواجهات مع القوات الإسرائيلية، كما يشهد القطاع أيضاً إضراباً شاملاً وسط انتفاضة كبيرة للغزيين شملت النساء.
إسرائيل وراء الهبة
في نفس السياق، أكد يحيى موسى القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس في تصريحات لـ"عربي بوست"، أن مخزون الغضب الفلسطيني نتيجة الظلم والاحتلال هو السبب وراء تفجير هذه الهبة الجماهيرية الفلسطينية.
موسى قال إن "السبب في تفجر الأوضاع يعود إلى الجرائم الإسرائيلية المتكررة، وانعدام الأمن للفلسطينيين، واستمرار الاعتداء على أراضيهم وممتلكاتهم، وعجز القيادة السياسية الفلسطينية عن حمايتهم"، هذه الأمور جعلت الشعب الفلسطيني يتولى زمام أمره في الدفاع عن نفسه"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية صعدت من "عدوانها" في الآونة الأخيرة على الفلسطينيين بالتزامن مع إقرارها لقوانين جديدة "ظالمة"، مما جعل الشعب يتقدم لحل مشكلاته بيده.
وعن تطور الهبة الشعبية لانتفاضة، قال موسى: "نأمل أن تمتد الموجة الثورية حتى تصبح انتفاضة عارمة، تتجذر وتنتشر. لكن ذلك يتوقف على عوامل الإسناد والدعم والتقليل من المخاطر التي تحيط بهذه الانتفاضة، والتي تتمثل بدايةً في موقف السلطة الفلسطينية، والتي تلعب دوراً رئيسياً وأساسياً في هذا الموضوع".
وأضاف إن "السلطة هي عامل مثبط يحاول أن يوجد خلخلة في بنية هذه الانتفاضة لصالح مشروع التسوية، والتنسيق الأمني، والحصول على احتياجات السلطة، وباعتقادي أن هذا أهم خطر وأهم عائق أمام الانتفاضة الفلسطينية الجديدة. أيضاً يجب أن تتمكن الانتفاضة من بلورة مؤسسة لها يصبح هدفها وإستراتيجياتها وشعاراتها وبرنامجها، جميعها واضحة وواحدة".
وطالب موسى الفصائل والقوى الفلسطينية من تنظيم نفسها لتعميق الانتفاضة وتوفير كل عوامل الإسناد لها.
كما أكد موسى أنه لا مصلحة لأحد في هذه اللحظة في أن تتحول الهبة إلى مواجهة عسكرية مع الاحتلال، لكن الاحتلال من الممكن أن يتهرب من المأزق الذي هو فيه حالياً من خلال مغامرة عسكرية في غزة ونحن نحتاط ونتجهز له. لافتاً إلى أن حركة حماس معنية الآن بأـن يكون دور غزة هو دور إسناد لهذه الانتفاضة التي تستعر في الضفة والقدس، وكذلك تسعى لتوفير كل العوامل لاستمرارها.
وحول انضمام غزة للهبة الجماهيرية أشار موسى إلى أن "حركة حماس تستجيب لإرادة الشعب وهبة الجماهير الفلسطينية، وتعتبر أن أي إرادة ثورية مقاومة هي تصب في النهاية في المجهود الفلسطيني"، مؤكداً أن "حماس مع كل ما يصحح هذا المسار التفاوضي والتنسيق الأمني ويعيد القضية الفلسطينية إلى جذورها، وهي قضية تحرر، وقضية تقرير مصير، وعودة لاجئين، وأن الهدف الأساسي الآن هو استمرارية الانتفاضة الفلسطينية والوحدة في ميدان المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي".
هبة جماهيرية حقيقية
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل فقال لـ"عربي بوست": "ما يحدث في الأراضي الفلسطينية الآن هو هبة جماهيرية حقيقية لمواجهة الإجرام الصهيوني والمستوطنين الذين يمعنون في القتل والتخريب في ظل انسداد الأفق السياسي وفشل العملية التفاوضية. كل ذلك جعل أمام الشعب الفلسطيني خياراً واحداً وهو خيار مواجهة العدو الذي لا يفهم لغة التفاهمات والاتفاقيات".
وأضاف المدلل "ما نراه هو تدحرج واسع واتساع لرقعة المواجهة لتشمل كافة الأراضي الفلسطينية، وهذا مايحتم علينا أن نقول أنها انتفاضة فلسطينية جماهيرية حقيقية وواسعة وشاملة، وتحتاج الدعم والإسناد من الجميع والأهم الوحدة الفلسطينية".
وأكد المدلل أن "الفلسطينيين في غزة لا يأمنون مكر إسرائيل وإمكانية قيامها في أي لحظة بتصعيد واسع النطاق"، موضحاً أن "على الفلسطينيين ألا يعطوا إسرائيل فرصة، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعيش هذه الأيام أزمة حقيقية واضطراباً في ظل انطلاق شرارة الانتفاضة الفلسطينية في الضفة والقدس، لذلك علينا ألا نسمح له أن يصدر أزماته إلى غزة ويجب أن يعلم أنه هو من سيكون الخاسر الأكبر".
غزة مشاركة
ومن جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد سالم لـ "عربي بوست" إن "غزة بدون شك ستشارك بكل الأشكال في الهبة الجماهيرية الفلسطينية فلا حركة حماس ولا الجهاد من الممكن أن يتحكما في جموع الشبان الفلسطينيين الذين يتوجهون يومياً للمناطق الحدودية للاشتباك مع إسرائيل".
وتابع سالم "الفصائل والقوى الفلسطينية تريد أن تكون غزة مشاركة في هذه الهبة ولكن مشاركة سلمية، وألا تصل الأمور للاشتباك المسلح، لكن إسرائيل بدون شك – إن تطورت الأمور أكثر في الضفة الغربية – ستخلط الأوراق لتزج بغزة لساحة المعركة بأي وسيلة لتحقيق نوع من التوازن. والتوازن هنا المقصود به أن نتنياهو سيقول للعالم نحن ندافع عن أنفسنا من الهجمات الصاروخية الفلسطينية، فيخف الضغط الدولي والداخلي على حكومته، والتي أعتقد أنها لن تستمر طويلاً في ظل الدعوات والانتقادات التي تعالت والتي تطالب باستقالته".