وجهة نظر في الحب، لكم أن ترفضوها ولكم أن تقبلوها.
والرفض والقبول يعتمدان بالدرجة الأولى على مقدار ارتقاء نظرتكم الروحية البعيدة عن التفسيرات العقلية البحتة، وهذه النظرة يدعمها ويؤيدها علمياً بعض علماء النفس من روّاد علم النفس التحليلي، مثل كارل غوستاف يونغ، الذي ربط بين علم النفس كعلم مادي وبين اللاوعي والروحانيات والظواهر ما وراء الطبيعة، أي ربط بين الظاهر المتجلي والباطن المحتجب.
وبعيداً عن يونغ..
يمكن القول إن العلاقات تقسم إلى نوعين:
علاقات قائمة على الحاجة، وعلاقات قائمة على الحب.. ويمكن لبعض علاقات الحاجة أن ترتقي إلى الحب.
في كل ذات بشرية هناك جانب ذكري وجانب أنثوي، أي في كل امرأة هناك بعض الصفات الذكورية، وفي كل ذكر هناك بعض الصفات الأنثوية (الأنيما والأنيموس حسب يونغ).
الصفات الذكرية هي التي تُكسب الشخصية القوة والنفاذ والاندفاع والانفتاح والمنطق… إلخ.
والصفات الأنثوية هي التي تكسب الشخصية الرقة والحساسية والحنان والتلقِّي، هي شبكة المشاعر والأحاسيس والطاقة الإبداعية الكامنة.. إلخ.
ومن هنا تنشأ قدرة الرجل والمرأة على فهم كلّ منهما الآخر، بما يملكه في نفسه من القطب الآخر. وعليه فإن علاقات الحب تنشأ بسبب عشق الرجل أو المرأة لصورتهما في الجنس الآخر، أي بمعنى آخر الرجل يحب المرأة التي تعكس صفاته الأنثوية التي يمتلكها في ذاته أي التي يسقط عليها أنوثته الخفية أو الكامنة، والمرأة تحب الرجل الذي يعكس ما تمتلكه في نفسها من صفات ذكرية، أي الذي تسقط عليه ذكورتها الخفية.
وعليه فإن علاقات الحب الحقيقية هي بمثابة المرايا.. نحن في الواقع نحب ذواتنا "ولا نقصد فيه حب الأنا"، نحب ذواتنا المتجلية على شكل قطبين نقيضين، ولكن متكاملين متجاذبين للوصول إلى حالة القطب الواحد أو الوحدانية في الذات والتي تعكس الخلود.
علاقات الحب هذه فيها توافق ذبذبي عالٍ.. أي توافق عالٍ بين قطبي الذكورة والأنوثة في كل منهما.. هما قطبان يتشاركان نفس الوعي الروحي والنضج.
يبدأ هذا النوع من الحب بالانجذاب إلى الشبيه.. مثلاً شخص ذو رجولة عالية يحب ذاته يبحث عن امرأة ذات أنوثة عالية.. وربما يبحث عن شخص يمتلك نفس ملامحه تقريباً.. وهكذا.
يلي ذلك الانتباه العميق الاهتمام العميق، والاستماع العميق، والشعور العميق المتبادل دون فهم ماهية الشعور، هو حبل أثيري ينشأ بين الاثنين.. يلي ذلك الألفة والتوافق الكامل والاستسلام العميق لهذا الشعور؛ ليصل إلى أعلى مراحله، وهو الشغف والنشوة الروحية التي تنطلق منها كل النشوات الأخرى.
في هذا العالم، يلزمنا القليل من الطعام.. يلزمنا العقل الذي نسج أفكاره بالتوافق مع أرواحنا.. ويلزمنا الكثير من الحب والحرية وجنوح الخيال لننطلق خارج أبعاد جسدنا المادي.. عندها يمكن لنا أن نتفهم ببساطة هذا النوع من الحب الخارج عن الرؤية العقلانية للبعض.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.