أسست هوما عابدين لنفسها مكانة من مرافقتها لهيلاري كلينتون كظلها لمدة 20 عاماً، فقد قامت بدور مستشارها الموثوق وصديقها الصدوق، قد يكون تأثيرها واسع المدى، ولكنه يمارس بحزم وراء الكواليس.
فبالنسبة لشخصية وصفت بأنها غامضة وكتومة، من المؤكد أن وجودها تحت الأضواء يجعلها تشعر بالانزعاج.
الآن، تجد عابدين، 40 عاماً، نفسها في مركز واحدة من أغرب الانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة، وأكثرها إثارة للجدل، حين بدأ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي في العكوف على الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي عثر عليها على جهاز كمبيوتر محمول كانت تشاركه على ما يبدو مع زوجها الذي انفصلت عنه، عضو الكونغرس السابق أنتوني وينر، تحولت فجأة من خادم كلينتون الأمين إلى مصدر تهديد لآمالها في الفوز بالرئاسة، بحسب ما ذكر تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
أزمة الرسائل الإلكترونية
ظهرت القليل من المعلومات منذ أن صرح مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، بوجود دفعة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني التي قد تكون وثيقة الصلة بالتحقيق في استخدام كلينتون خادم الإنترنت الخاص، حين كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأميركية.
وُجدت نحو 650 ألف رسالة بريد إلكتروني على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بهوما عابدين وزوجها، من بينها عدة آلاف من الرسائل المتبادلة بينها وبين رئيستها، مما يثير تساؤلات حول الانتهاكات المحتملة للبروتوكول الأمني.
كان إعلان هذا الخبر بمثابة تفجير قنبلة، نسفت آمال كلتا المرأتين. بالنسبة لكلينتون، زعزعت ثقتها فيما كان يبدو فوزاً سهلاً في الانتخابات الرئاسية الثلاثاء المقبل. أما عابدين فمن غير المتوقع أن يكون لها دور بارز بعد ما حدث، بخلاف ما كان متوقعاً -البعض تكهن بأنها ستحصل على منصب كبير موظفي البيت الأبيض- في حال وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض.
وقال روس بيكر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة روتجرز: "سيكون شغلها لمنصب بارز، مثل كبير موظفي البيت الأبيض مربكاً، مما سيضطر الإدارة الجديدة إلى اتخاذ موقف دفاعي، ويعرقل أي محاولة للشروع في تنفيذ العديد من المقترحات التي تحدثت كلينتون عنها".
"مشكلات حلت بعابدين"
وسبق أن تعرضت علاقة كلينتون بعابدين للاختبار، بسبب الفضيحة التي أحاطت بوينر المضطرب. في عام 2011، عندما كانت عابدين حاملاً في شهرها الخامس، وكانت تعمل نائباً لرئيس الديوان في وزارة خارجية كلينتون، اضطر زوجها إلى التنحي عن مقعده في الكونغرس، بعد أن نشر عن غير قصد صورة بذيئة على تويتر، كان يقصد إرسالها لامرأة في سياتل، فرآها 45 ألف متابع.
بعد ذلك بعامين، عندما حاول الترشح لمنصب عمدة نيويورك، تعرض لفضيحة أخرى حين اكتشفت علاقته مع امرأة تطلق على نفسها "سيدني ليذرز".
أما هذا الصيف، فقد أُعلن أن وينر كانت له علاقة على الإنترنت مع فتاة يُزعم أنها قاصر، مما أدى إلى إعلان انفصال عابدين عنها بصورة قانونية في أغسطس/آب، وإجراء مكتب التحقيقات الفدرالي لتحقيقات تشمل رسائل البريد الإلكتروني الخاص به وبعابدين.
خلال كل هذا، لم تتخلَّ كلينتون عن مساعدتها. ربما كان ذلك لأن كليهما مرت بالتجربة الأليمة مع الخيانة الزوجية: بدأت عابدين أولاً كمتدربة في "Hillaryland"، كما كانت تسمى زمرة السيدة الأولى في الجناح الشرقي، في عام 1996، قبل عامين من اتهام الرئيس بيل كلينتون بإقامة علاقته مع متدربة في الجناح الغربي.
أو قد يكون السبب، ببساطة، أن المرأتين توطدت علاقتهما مع مرور السنين، لدرجة أنه يطلق على عابدين اسم "هيلاري الصغيرة" أو "ابنة كلينتون الثانية" و"الشقيقة الصغرى لهيلاري". من البداية المتواضعة كمتدربة تبلغ من العمر 19 عاماً، ارتفعت عابدين من "وصيفة" إلى رئيس الموظفين أثناء السفر، خلال ترشح كلينتون للرئاسة أول مرة عام 2008، إلى منصبها في وزارة الخارجية، والآن تشغل وظيفة نائب رئيس حملة كلينتون الرئاسية لعام 2016.
علاقة قوية
توطدت الصلة بين المرأتين لدرجة أنه يقال أن عابدين تحمل هاتف هيلاري المحمول في حقيبتها، مما دفع بيل كلينتون للشكوى من أنه لا يستطيع التحدث لزوجته دون إذن حارس البوابة. قالت عابدين لمجلة فوج "على مر السنين، روينا قصصاً من حياتنا لبعضنا البعض، تناولنا الطعام معاً مرات لا تحصى، احتفلنا معاً، وحزنّا معاً".
المختلف في الأزمة الحالية هو أنه على الرغم من أن وينر قد يكون تسبب في جذورها، مرة أخرى، إلا أن خطرها ينبع مباشرة من سلوك عابدين نفسها، وليس بشكل غير مباشر من دورها كزوجة مظلومة.
على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح تماماً ما إذا كانت ارتكبت أي تجاوزات، إلا أن موقفها معقد لأنها حلفت اليمين في يونيو/ حزيران قالت إنها سلمت بالفعل كل الأجهزة التي قد تحتوي على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بوزارة الخارجية، ولكن على ما يبدو أنها قد نست أن تذكر ذلك الكمبيوتر المحمول المشترك.
حتى الآن، ليس هناك أي علامة على تحول كلينتون ضد مستشارها المؤتمن، فقد قال جون بوديستا، رئيس الحملة الانتخابية الرئاسية: "نحن نساندها تماماً". ولكن مع استدعاء فوكس نيوز لكلمة "الحنث باليمين"، تلوح مؤامرة يمينية جديدة في الأفق.
هل ستكون هذه نهاية الشراكة بين كلينتون وعابدين؟ يقول بيكر: "على الرغم من الصلة الوثيقة بين المرأتين، هناك اتفاق بين السياسيين يقضي بأنه حتى الصداقة يمكن التخلي عنها إذا دعت الضرورة، ولا أحد يدرك ذلك أفضل من هيلاري كلينتون".
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.