بعد أن منعت حماس ذلك.. معركة في غزة حول سير الكلاب في الشوارع أو شاطئ البحر

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/21 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/21 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش

قبل ثلاثة شهور فقد أحمد بو ركاب 27 عاماً من مخيم البريج وسط مدينة غزة الفلسطينية كلبته المدللة "روبي"، البالغة من العمر عاماً واحداً، وهي من نوع "مالينو" الألماني الأصل.

بقي أحمد في حالة اكتئاب على مدار أسابيع، بعد جهد كبير في البحث عنها من دون فائدة، إلا أن قرار داخلية حماس بمنع سير الكلاب في الشوارع العامة وعلى شاطئ البحر شكل صدمة نفسية جديدة له.

وقال لـ"عربي بوست"، إنه كان يتوقع العثور على كلبته من خلال تفقد الكلاب التي تسير في الطرقات والأماكن العامة وشواطئ البحر، "فهي تعرفني وأنا أعرفها، وبعد قرار حماس أصبح الأمر صعباً، وبالتأكيد الآن هي محجوزة في أحد البيوت".

وأضاف: "أخذت روبي صغيرة من قريبي من تحت والديها وعمرها لا يتجاوز شهرين، وكنت أهتم بها باستمرار وأطبخ لها الطعام بشكل يومي، فهي دائمة اللعب والمرح، وعكفت على تدريبها على مدى عشرة شهور قبل أن أفقدها".


واعتبر أحمد أن قرار داخلية غزة خاطئ تماماً، في ظل عدم توفير مكان للمريين والهواة لملاعبة كلابهم فيه، مؤكداً أن "الكلاب في غزة ليست مفترسة ولا تشكل خطراً".

وكانت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس أصدرت قراراً، في 19 أبريل/نيسان 2017، بمنع مربِّي الكلاب من السير بكلابهم في الشوارع والمناطق العامة، ومنح القرار الشرطة حق اعتقال أي مواطن يصطحب كلباً في الشوارع العامة، واجباره على التوقيع على تعهد خطِّي بعدم تكرار هذا التصرف.

أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة في غزة، أكد لـ"عربي بوست"، أن "قرار منع سير الكلاب في الشوارع العامة أو على شاطئ البحر جاء بناءً على عدة شكاوى مقدمة من الناس، حيث إن هذه الكلاب تخيفهم، وبعض أصحابها يقومون بحركات مخلة بالآداب لتتبع الفتيات واستعراض أنفسهم في أماكن تواجد الناس"، على حد تعبيره.


وقال البطنيجي إنه "لا توجد أي مشكلة في اقتناء الكلاب وتربيتها، أو أخذها للترفيه في مناطق نائية بعيدة عن الناس".

وكانت هواية تربية الكلاب منتشرة في غزة، وبموافقة وزارة الداخلية التابعة لحماس انعقد التجمع الأول والأكبر من نوعه للكلاب، في يناير/كانون الثاني 2016، بساحة الكتيبة في مدينة غزة، بحضور أكثر من 100 شخص من مربّي الكلاب.

كما نظمت الرابطة الفلسطينية لهواة الكلاب معرضاً للكلاب في مايو/أيار 2016، ضم أنواعاً مختلفة ونادرة من سلالات الكلاب، منها الدوجو الأرجنتيني (المستيف أرجنتيني) قاتل الخنازير، والقوقازي قاتل الدببة، والجيرمن بأنواعه، والروت وايلر، والبتبول، والدوبرمان، والمالينو، واللولو بأنواعه.

واقع صعب


التجمع والمعرض كانا ترجمة لاهتمام عكسته صفحات عديدة انتشرت على موقع فيسبوك لتجمع هواة ومربِّي الكلاب في غزة، منها صفحة كلاب جيرمن في غزة، التي تضم 107 آلاف عضو ومتابع.

محمد زويد الذي يسكن في حي الرمال غربي مدينة غزة، ويملك كلباً من نوع "البتبول" النادر، يسميه "غضب"، يخالف أبو ركاب مالك الكلبة روبي الرأي، حيث يرى أن قرار داخلية حماس بمنع الكلاب صائب، بشرط إيجاد بديل آخر للكلاب وهواتها في غزة.

ويخالف محمد النظرة السائدة في المجتمع الغزي المتدين عن تربية الكلاب، فمنهم من يحرِّم تربيتها، ومنهم من يعتبرها "نجساً"، ويقول لـ"عربي بوست": "نحن نهتم بكلابنا وننظفها باستمرار وهي أليفة ومهمة للحراسة، ولو كانت تربيتها حراماً لما ذكر القرآن الكريم في مواضع مختلفة من سورة الكهف قصة أصحاب الكهف مع كلبهم، وكذلك قول الله تعالى "وما علمتم من الجوارح مكلِّبين"، ولذلك فهي هواية جميلة، والكلب يبقى وفياً لصاحبه".



البطالة المرتفعة، وأزمات غزة المتتابعة، وعلى رأسها انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر مما يحد من استخدام أجهزة الهواتف وتطبيقاتها الذكية، جعل الشباب يبحثون عن اتجاهات أخرى يتحدون بها الفراغ، مثل تربية الحيوانات والموسيقى، متمنين المشاركة في مهرجانات ومعارض دولية لتربية الكلاب حول العالم.

صعوبة التدريب والبحث عن رخصة رسمية



وعلى الرغم من صعوبة تدريب الكلاب والتعامل معها، فإن ذلك لم يمنع المدرب والخبير في المجال محمد بركة، الذي يملك كلباً نادر في المدينة من نوع "مالموت الاسكا"، من التواصل مع مدربين من مناطق مختلفة حول العالم، مستخدماً الشبكات الاجتماعية، لنيل خبرات جديدة في تربية الكلاب.

محمد -الذي يؤيد قرار الداخلية بمنع سير الكلاب في الشوارع- يبرر موقفه بضعف خبرة المربِّين في غزة في التعامل مع الكلاب، قائلاً: "قد يفقد المربي السيطرة على كلبه، مما يدفعه لإخافة الناس أو مهاجمتهم، لذلك على الداخلية أولاً عدم السماح بتربية الكلاب والسير بها إلا من خلال منح رخصة تدريب بعد إخضاع المربي لاختبار محدد، ولكن رغم قرار المنع، على الداخلية توفير أماكن لتدريب الكلاب وتجمعها بشكل دائم".

ونفى محمد وجود أي رابطة رسمية لهواة تربية الكلاب، واصفاً الموجودين بالعجز، لعدم قدرتهم على استعادة أي كلب قد تصادره شرطة حماس، لحاجتها الماسة لها في التدريب والعمل الشرطي، مضيفاً: "لا يوجد أي كيان رسمي يمثل هواة الكلاب، يستطيع أن يعيد الكلاب التي يصادرها أي شخص أو مؤسسة من المالكين، كما لا توجد مؤسسات رعاية بيطرية وطبية على درجة من الكفاءة لمعالجة الأمراض في كلابنا التي نربيها، هم يجربون الأدوية علينا، ولا يعرفون العلاج الصحيح".

ولعل القرار بحق مالكي الكلاب عدم السير في الأماكن العامة والشواطئ كان صعباً على أحمد، مالك الكلبة روبي الضائعة، لكن إيجاد مكان دائم لتربية الكلاب وتجمعها فيما يعرف بـ"المكْلَبَة" قد يشكل فرصة جديدة للهواة والمربيين للتعارف وتبادل الخبرات، وهو ما يأمل به جميع المربِّين اليوم ويطالبون داخلية حماس بتوفيره، وعلى رأسهم أحمد.

تحميل المزيد